للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعدَّى بزيادة الهمزة لم يتجاوز مفعولًا واحدًا، والوجه في تعديته إلى ضمير المؤمنين وإلى الغرف: إما إجراؤُه مجرى لننزلنَّهم ولنبوِّئنَّهم، أو حذف الجار وإيصال الفعل، أو تشبيهُ الظَّرفِ المؤقَّتِ بالمبهم.

﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ وقرئ: (فنعم) (١)، والمخصوص بالمدح محذوف دلَّ عليه ما قبلَه.

ويُوقف على ﴿الْعَامِلِينَ﴾ على أنَّ ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ خبرُ مبتدأ محذوفٍ؛ أي: هم الذين صبروا على أذيَّة المشركين، والهجرةِ للدِّين، إلى غير ذلك مِن المحنِ والمشاقِّ.

والوصل أجود؛ ليكون ﴿الَّذِينَ﴾ نعتًا لـ ﴿الْعَامِلِينَ﴾.

﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾: ولا يتوكَّلون في جميع ذلك إلَّا على اللّهِ.

* * *

(٦٠) - ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.

﴿وَكَأَيِّنْ﴾: وكم ﴿مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا﴾: لا تطيقُ حملَه لضعفِها، ولا تدَّخره، وإنَّما تصبح ولا معيشةَ عندَها.

﴿اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ﴾ ثمَّ إنَّها مع ضعفِها وتوكُّلِها، وإيَّاكم مع قوَّتِكم واجتهادِكم في الكسْبِ، سواءٌ في أنَّه (٢) لا يرزُقها وإيَّاكم إلَّا اللَّه، فإنَّه لو لم يقدِّركم ولم يقدِّرْ لكم أسبابَ الكسب لكنْتُم أعجزَ مِن أضعفِ الدَّوابِّ، فلا تخافوا على معاشِكم بالهجرةِ.


(١) نسبت ليحيى بن وثاب. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١١٥).
(٢) في (ك): "أنها".