﴿يَعْلَمُونَ﴾ بدلٌ مِن ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾، وفي هذا الإبدال - مع أنَّه مِن لطائف علمِ البديع - إشعارٌ بأنَّ سَلْب العلمِ - الذي هو الجهل - لا ينافي وجودَ العلم بظاهر أمورِ الدنيا، بل هو هو لا فرقَ بينهما.
﴿ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾: فيه إشارةٌ إلى أنَّ للحياة الدنيا ظاهرًا؛ وهو ما يَعرفه الجهَّال مِن التمتُّع بزخارفها، والتنعُّم بملاذِّها، وجمعِ أسبابها وضبطها، وباطنًا وهو ما يعرفه العقلاء مِن الاعتبار بهم، وبسرعة انقضائها، وكون محلِّها متجرَ (١) الأولياء ومجازَ الآخرة، يجب التَّزوُّد منها بالتقوى والطاعة.
وتنكيرُ ﴿ظَاهِرًا﴾ يفيد أنَّهم لا يعلمون إلَّا ظاهرًا واحدًا من ظواهرها؛ وهو التمتُّع منها بالأكل والشرب كالبهائم، لا جملتَها؛ فإنَّ مِن ظواهرَها معرفةَ خواصِّها، والاستدلالَ بها على صانعها، وكيفيَّة الانتفاع بها لصلاحِ الدارين، ففيه ذمٌّ لهم بالجهلِ بليغٌ.