للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ﴾ التي هي غايتُها والمقصودةُ منها ﴿هُمْ غَافِلُونَ﴾ لا تخطر ببالِهم، و ﴿هُمْ﴾ الثانية تكريرٌ للأولى، أو مبتدأ و ﴿غَافِلُونَ﴾ خبره، والجملة خبرُ الأولى، وعلى كِلَا الوجهين في توسطيه وتكريرِ ﴿هُمْ﴾ إشعارٌ بأنَّهم معدنُ الغفلة عن الآخرة ومنبعُها، متمادونَ فيها بالسكون إليها، كأنَّه لا غافلَ غيرُهم.

(٨) - ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ﴾.

﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا﴾: كلمةُ استبطاءٍ، ومعناها: هلَّا يتفكَّرون (١) لِمَ أخَّروا التفكُّر، والواو للعطف على محذوفٍ تقديره: أَلَم يلتفتوا ولم يتفكَّروا، وقوله:

﴿فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ يجوز أن يكون ظرفاً، وأن يكون صلةً للتفكُّر.

ومعنى تقييد (٢) التفكُّر به على الأول مع أنَّه لا يكون [إلا] (٣) في النفس: زيادةُ تصويرٍ لحال المتفكِّرين وتقريرٌ، كقولك: كتبتهُ بيميني، كأنَّه قيل: أَوَلم يُحْدِثوا التفكُّر في أنفسهم العاطلةِ الفارغة عن التفكُّر والتأمُّل.

وعلى الثاني معناه: أَوَلم يتفكَّروا في أنفسِهم التي هي أقربُ الأشياء وما فيها مِن عجائبِ الصنع وبدائعِ الحكَم التي أَودعها اللهُ تعالى فيها، وفي انتقالاتها في السِّنِّ إلى الشيخوخة والضَّعْف وضرورة فنائها.


(١) في النسخ: "يتفكروا"، والصواب المثبت.
(٢) في (ف) و (ك): "تعيين".
(٣) من "البحر المحيط" (١٧/ ١٦٠)، و"حاشية الشهاب" (٧/ ١١٣)، و"روح المعاني" (٢٠/ ٤١٤).