﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ﴾ حيث ولدوا مِن أبٍ واحدٍ، وهم على الكثرة التي لا يعلمها إلَّا اللهُ متفاوتون ﴿لِلْعَالِمِينَ﴾ لكلِّ مَن له عقلٌ مِن أهل العالَم.
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ ظاهرُ الآيةِ يدلُّ على أنَّ المنامَ في الليل والنهار وابتغاءَ الفضل فيهما، وهو معنًى صحيحٌ، فإنَّ المنامَ في النهارِ الصيفيَّة الطويلةِ هو القيلولةُ المستحبَّةُ في السُّنَّة لاستراحة القوى النفسانيَّة وانتعاشِ القوى الطبيعيَّة، وكذلك ابتغاءُ الفضلِ في الليالي الشتويَّة مِن المباحات لقِصَرِ النهار، وقصورها عن حاجات الناس.
ويجوز أن يكون ﴿مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ مِن بابِ اللَّفِّ، وترتيبُه: منامكم وابتغاؤكم من فضله بالليل والنهار؛ أي: منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار، حصرًا بين المتعاطفَين بالزمانين، إشعارًا بأنَّ كلَّ واحدٍ مِن الزمانين وإن اختصَّ بأحدهما، فهو صالحٌ للآخر عند الحاجة، ويؤيد هذا الاختصاصَ تكريرُ هذا المعنى في القرآن.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾: يدركون المحسوس، لمَّا كان المشارُ إليه مِن جنسِ ما يُدرَك بالمشاهدة وبالسماع مِن الغير كما في حقِّ الأعمى،
(١) قرأ بها حفصٌ وحده، في حين قرأ الباقون بالفتح. انظر: "التيسير" (ص: ١٧٥).