للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثاني أضعف الطريقين، عبَّر به عن إدراكه إعمالًا للدِّلالة، وهذا من جنس لطائف الاعتبار الذي قلمَّا يَتنبَّه له إلَّا مَن له الاختبار.

(٢٤) - ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾.

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ﴾: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ خبرُ مبتدأ محذوفٍ؛ أي: مِن آياته ما يُذكَر، أو: ما يُتلى عليكم، ثم قيل: ﴿يُرِيكُمُ الْبَرْقَ﴾ إمَّا بيانٌ لذلك، أو: ﴿يُرِيكُمُ﴾ مبتدأ على حذف (أنْ) ورفعِ الفعلِ، كقوله:

أَلَا أيُّهذا الزَّاجِري أَحْضُرُ الوَغَى (١)

أو: تنزيلِ الفعلِ منزلةَ المصدر المرفوع؛ أي: ومِن آياته إراءتكم البرق، كقوله: تَسمعُ بالمُعيديِّ خيرٌ مِن أنْ تراهُ، أو: صفة لمحذوف تقديره: آيةٌ يريكُم بها البرقَ، كقوله:

فَمَا الدَّهرُ إلَّا تارتان فمنهما … أَموتُ وأُخرى أَبتغي العيشَ أَكدَحُ (٢)

أي: تارةً أموت فيها.

﴿خَوْفًا﴾ مِن الصاعقة ﴿وَطَمَعًا﴾ في الغيث.


(١) صدر بيت لطرفة، وهو في "ديوانه" (ص: ٣٢)، وعجزه:
وأنْ أشهدَ اللَّذاتِ هل أنتَ مُخلِدي
وقوله: "الزاجري" كتب فوقها في (ي): "مضافة إلى ياء المتكلم". قلت: لأن (أل) فيه موصولية، فساغت الإضافة المذكورة.
(٢) البيت لتميم بن أُبي بن مُقبِل، وهو في "ديوانه" (ص: ٢٤).