ونصبُهما على المفعولِ له، وإنَّما جاز مع أنَّهما ليسا بفعلِ فاعلِ الفعلِ المعلَّل؛ لأنَّ الإراءَة متضمِّنة للرؤية، أو على حذف المضاف، وإقامةِ المضاف إليه مقامه؛ أي: إراءةَ خوفٍ وطمعٍ، أو: تأويلِ الخوف والطمع بالإخافة والإطماع، كقولك: فعلتُه رغمًا للشياطين، أو: على الحال؛ أي: خائفين وطامعين.
﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ﴾ بالنبات ﴿بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ يُبسها، وقد سبق وجهُ الفاءِ التعقيبية بين الإنزال والإحياء في تفسير سورة النحل.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾: يستعملون عقولَهم في استنباط أسبابها وكيفيَّة تكوُّنها؛ ليظهر لهم كمالُ قدر الصانع وحكمته.
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ﴾؛ أي: بقوله: كونا قائمتَيْن، والمراد به تعلُّقُ إرادته بقيامِهما في حيِّزهما المعيَّنين مِن غير مقيمٍ محسوسٍ، شُبِّهتا في قيامِهما على وَفْقِ. إرادته بمأمورٍ مطيعٍ امتثلَ أمرَ آمرٍ مطاعٍ بلا توانٍ وتقصيرٍ؛ للمبالغة في كمالِ قدرته ونفاذِ أمره، وعدمِ تخلُّف المراد عن إرادته، وكذا في قوله:
﴿ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ شبَّه الموتى بالمأمورِ المطيعِ؛ لتصوير ترتُّب خروجهم على دعائه مِن غير توقُّفٍ، عطفٌ على ﴿أَنْ تَقُومَ﴾ على تأويلِ مفردٍ، كأنَّه قال: ومن آياته قيامُهما، ثم خروجُكم مِن الأرض بسرعة إذا دعاكُم دعوةً، فيقول: أيُّها الموتى اخْرُجوا.