﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ﴾: البليغِ الاستقامة، الذي لا يتأتَّى فيه عِوَجٌ، يعني: قد بلغ الإنذارُ مبلغَه، فلا تهتمَّنَّ لإعراض هؤلاء، واقصِدْ أنتَ الطريقَ الذي يُوصِلك إلى الدِّين المستقيم، وهو ما تقدَّم ذِكْره: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [الروم: ٣٠].
﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ﴾: يومٌ لا يَقدِرُ أنْ يردَّه أحدٌ، أو: يأتي يومٌ لا رادَّ له مِن جهة الله؛ أي: لا يردُّه الله؛ لتعلُّق إرادته القديمة بمجيئه.
﴿يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾: يتصدَّعون؛ أي: يتفرَّقون تفرُّق الأشخاص، على ما ورد في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾ [القارعة: ٤]، لا تفرُّق الفريقَيْن كما ظَّنه مَن قال: ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾ [الشورى: ٧] فإنَّ المبالغةَ في التفرُّق المستفاد مِن ﴿يُصَدَّعُونَ﴾ إنَّما يناسب الأول، ثم استأنف لبيانِ شأنهم في تلك الحال، فكأنَّه يقول: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٧].