للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تجعلها عقابًا، وتحقيقُ (١) ذلك: مجيءُ الجمعِ في آيات الرحمة، والواحدِ في قصصِ العذاب.

وقرئ: ﴿الرِّيَاحَ﴾ على إرادة الجنس (٢).

ثم عدَّد الفوائدَ في إرسالها فقال: ﴿مُبَشِّرَاتٍ﴾؛ أي: إرسالها للبشارة في الغيث.

﴿وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ ولإفاضة الرحمة؛ وهي نزول المطر، وحصول الخصب الذي يتبعه، والرَّوحُ الذي هو مع هبوب الريح، وزكاءُ الأرض، وغيرُ ذلك، عطفٌ على علَّة أو علل شتَّى محذوفة دلَّ عليها ﴿مُبَشِّرَاتٍ﴾، أو عليها باعتبار المعنى؛ لأنَّه في معنى التعليل، كأنَّه قيل: ليبشِّركم وليذيقكم، أو متعلق بمحذوفٍ دلَّ عليه ﴿أَنْ يُرْسِلَ﴾ تقديره: وليذيقكم وليكون كذا وكذا أرسلناها.

﴿وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ﴾ عند هبوبها ﴿بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾ بتجارة البحر ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾: ولتشكروا نعمة الله فيها.

(٤٧) - ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ لمَّا وسَّط بين دلائل التوحيدِ تسليةَ الرسولِ ووعدَه، اقتصر الكلام بإدراج ذِكْر الفريقين في طيِّ ذكر الانتصارِ والنصر؛ تقريبًا للمقصود وقصرً لطريقه، والمعنى: فجاؤوهم بالبينات، فمنهم مَن آمَنَ ومنهم مَن كَفَر.


(١) في (ف) و (م): "ومحقق".
(٢) قراءة ابن كثير وحمزة والكسائي، وباثي السبعة بالجمع. انظر: "التيسير" (ص: ٧٨).