للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أو لـ ﴿يَمْهَدُونَ﴾، والموصول مع صلته مِن باب وضعِ الظاهرِ موضعَ المُضمَر، والتصريح بالتكرير للمدح والإشعارِ بأنَّه هو الموجب للكرامة والاستحقاق والترغيب في الإيمان والصلاح.

وكذا: ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ بعد قوله: ﴿مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ﴾ فإنَّه تقريرٌ بعد تقريرٍ على الطَّرْدِ والعكسِ؛ أي: يُقرِّر الأولُ الثانيَ وبالعكس، وذلك أنَّ قولَه: ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ إلخ، يدلُّ بمنطوقه على اختصاصِهم بالجزاء التكريميِّ، وبمفهومه على أنَّهم أهلُ الولاية والزُّلْفى (١)، وقوله: ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ لتعليلِ الاختصاص يدلُّ بمنطوقه على أنَّ عدمَ المحبَّة اقتضى حرمانهم، وبمفهومه على أنَّ مقتضى الجزاء لأضدادهم موفورٌ فهو بحبِّ المؤمنين.

(٤٦) - ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾؛ أي: ومن آياتٍ قدرته وحكمته ﴿أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ﴾ هي الجَنوب والشَّمال والصَّبا، وهي رياح الرحمة، وأمَّا الدَّبُور فريحُ العذاب، ومنه قوله : "اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا" (٢)، وذلك أنَّ العربَ تقول: لا يُلقَّح السحابُ إلَّا مِن رياحٍ مختلفةٍ، يريد: اجْعَلها لقاحًا للسحاب ولا


(١) في (ف) و (م): "والزلف".
(٢) رواه الشافعي في "مسنده" (ص: ٨١)، وأبو يعلى في "مسنده" (٢٤٥٦)، والطبراني في "الكبير" (١١٥٣٣)، وأبو الشيخ في "العظمة" (٤/ ١٣٥١)، والبيهقي في "الدعوات" (٣٦٩)، من طريقين عن ابن عباس كلاهما ضعيف. انظر: "الكافي الشاف" (ص: ١٢٩).