للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرئ: ﴿ضَعْفٍ﴾ بالفتح والضَّمِّ، وهما لغتان كالفَقْر والفُقْر، والثاني أقوى قراءةً؛ لِمَا روي أن ابنِ عمرَ قال: قرأتُها على رسول الله : ﴿مِنْ ضَعْفٍ﴾، فأَقرأَني (١): ﴿مِنْ ضَعْفٍ﴾ (٢) بالضَّمِّ (٣).

﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً﴾: وهو حالُ الشبيبة؛ مِن أوانِ البلوغِ إلى زمانِ الكهولة.

﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً﴾: ثم ردَّكم إلى الضعف والشيخوخة، وزيادة قوله: ﴿وَشَيْبَةً﴾؛ للتنبيه على أنَّ المرادَ التبدُّلُ بحسب السِّنِّ، ففيه دفعٌ (٤) لذهاب الوهم إلى أنْ يراد بالجَعل الأولِ الخلقُ مِن النُّطفة، ومِن الثاني نفخُ الروح في البَدَن، والتنكيرُ مع التكرير لأنَّ المتأخِّر غير المتقدِّم (٥).

﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ مِن ضعفٍ وقوَّةٍ وشَيبةٍ.

﴿وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾ فإنَّ هذه الانتقالاتِ في الأحوال المختلفة دالَّةٌ على أنَّه تعالى يَخلق على مقتضى المشيئة والعلم والقدرة؛ لأنَّ التغيير (٦) مِن صورةٍ إلى صورةٍ، والترديدَ مِن حالةٍ إلى حالةٍ، مع إمكان خلافِ ذلك، دليل على الإرادة المبنيَّة على العلم والحكمة المفْضية إلى القدرة.


(١) في (ف): "فأقرأنيه".
(٢) بعدها في (ف): "إلى من ضعف"، وبعدها في (ك): "لا من ضعف".
(٣) رواه أبو داود (٣٩٧٨)، والترمذي (٢٩٣٦) وحسنه.
(٤) في (ف) و (م): "رفع".
(٥) في (ف) و (م): "عين المتقدم"، وفي (ك): "ليس عين المتقدم".
(٦) في (ك): "التغير".