للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ﴾: أوحشَها ﴿لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ الحمار ونهاقُه مَثَلٌ في الذَّمِّ البليغ، ولذلك يُكنَى (١) عنه فيُقال: طويل الأذنين.

وفي الآية ذمٌّ بليغٌ للرَّافعين أصواتِهم، حيثُ شُبِّهوا بالحمير، وأصواتُهم بالنُّهاقِ، ثمَّ طرح التَّشبيه، وأخرج الكلام مخرج الاستعارة، كلُّ ذلك لتهجينِ رفع الصَّوت، والتَّنفيرِ عنه، والحثِّ على الغضِّ، والتَّرغيبِ فيه.

وتوحيدُ الصَّوت لأنَّ المراد جنسُه الذي هو مَثَلٌ في النُّكر، لا أفرادُه.

* * *

(٢٠) - ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ﴾.

﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ﴾: لأجْلكم ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾: ما في جهة العلويَّات مِن الكواكب وأوضاعها، والسِّحاب وأمطارها، بأنْ جعلها أسبابًا لمنافعِكم.

﴿وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾؛ أي: في الجهة السُّفليَّة (٢)، بأنْ سلَّطكم عليها، ومكَّنكم من الانتفاع بها بواسطةٍ أو بغير واسطة (٣).

﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً﴾: محسوسةً ﴿وَبَاطِنَةً﴾: معقولةً ومخفيَّةً عنكم، ما لم تدركوه بعقولِكم.

﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ﴾: في توحيدِه وصفاتِه ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ مستفادٍ مِن


(١) في (ف) و (ك) و (م): "يكتنى".
(٢) في (ف): "جهة السفل".
(٣) في (ف) و (ي): "بوسط أو بغير وسط".