للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا﴾ وتغيير النَّظم بالعدول عن الجملة (١) الفعليَّة إلى الجملة الاسميَّة للتَّوكيد، والدِّلالة على أنَّ الولد أولى بأن لا يجزي شيئًا عن والده، وحسمِ أطماع المؤمنين أنْ ينفعوا آباءهم الكفَّار في الآخرة، فإنَّهم كانوا يتوقَّعون ذلك.

وللمبالغة في التَّأكيد جِيء بلفظ ﴿هُوَ﴾ و ﴿مَوْلُودٌ﴾ دون (ولد)؛ لأنَّ الولد يطلق على ولدِ الولد بخلاف المولود؛ فإنَّه لا يُطلَق على ولد الولد إلَّا بالنِّسبة إلى الذي وُلِدَ منه؛ أي: لو قَصدَ النَّفع لِمَن وُلدَ منه لم يقدِرْ عليه، فضلًا أنْ ينفعَ لأجداده.

كذا قيل، ومبناه على تخصيص الخطاب والحُكم، والظَّاهرُ العمومُ، فالوجهُ أنْ يُقالَ: إنَّ الابن مِن شأنه أن يكون جازيًا عن والده؛ لِمَا عليه من الحقوق، والوالد يجزي لِمَا فيه مِن الشَّفقةِ، فليس الثَّاني كالأوَّل.

﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ بالثَّوابِ والعقاب ﴿حَقٌّ﴾ لا يمكِنُ خُلْفُه.

﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ بزينتِها؛ فإنَّ نعيمَها ذاهبٌ (٢)، ولذَّاتها فانيةٌ.

﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾: الشَّيطانُ. وقرئ بضمِّ الغين (٣)، فجُعِلَ الغُرور غارًّا للمبالغة، أو إرادةُ زينة الدُّنيا لأنَّها غُرور؛ إطلاقًا لاسم المسبَّب على السَّبب.

* * *


(١) "الجملة" سقط من (ك).
(٢) في (ف) و (م) و (ي) و (ع): "دانية"، والمثبت من (ك).
(٣) نسبت لسماك بن حرب وأبي حيوة. انظر: "المحتسب" (٢/ ١٧٢)، و"البحر المحيط " (١٧/ ٢٤٠).