للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٣٤) - ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.

﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ علمُ وقتِ قيامِها؛ لِمَا رُويَ أنَّ الحارثَ بنَ عمرٍو أتى النَّبيَّ وقال: متى قيام السَّاعة؟ وإنِّي قد ألقيْتُ حَبَّاتي في الأرضِ فمتى تمطرُ السَّماء؟ وحملُ امرأتي ذكرٌ أم أنثى؟ وما أعمل غدًا؟ وأينَ أموتُ؟ فنزلَتْ (١).

أي: محفوظةٌ علمُها مِن جهته تعالى، لا يصلُ إليه غيرُه، فإنَّ كونَ الشَّيء عندَه عبارةٌ عن كمالِ حفظِه، وبهذا الوجه يظهرُ اختصاصُ العلمِ المذكور به تعالى.

﴿وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾؛ أي: يرسِلُ المطرَ النَّافع بحسب المصالح على التَّدريجِ في أوقاتٍ متعدِّدةٍ.

﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾ أذكرٌ أم أنثى، أحيٌّ أم ميِّتٍ، أتامٌّ أم ناقصٍ.

﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ﴾ أيَّةُ نفسٍ كانَتْ، وإنَّما جعل العِلمَ لله تعالى، والدِّراية للعبد؛ لِمَا في الدِّراية مِن معنى الخَتْلِ (٢) والحيلة، والمعنى: أنَّها لا تَعرِفُ وإنْ أعملَتْ حيلَها.


(١) رواه ابن المنذر في "تفسيره" عن عكرمة، كما في "الدر المنثور" (٦/ ٥٣٠) وسمى الرجل: الوارث من بني مازن. وذكره مقاتل بن سليمان في "تفسيره" (٣/ ٤٤٠)، والثعلبي في "تفسيره" (٧/ ٣٢٣)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٣٤٧)، وذكره الواحدي أيضًا في "البسيط" (١٨/ ١٢٨) وعزاه لمجاهد ومقاتل، واسم صاحب القصة عندهم عدا "أسباب النزول": عبد الوارث بن عمرو. ورواه الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٥٨٥) عن مجاهد ولم يسمه. فهذا الخبر لم يرو بسند متصل إلى النبي ، وإنما هي مراسيل عن عكرمة ومجاهد ومقاتل.
(٢) في (ع): "المثل"، وفي (ف) و (م) و (ك): "الحيل".