للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ مِن خيرٍ أو شرٍّ، فربَّما كانَتْ عازمةً على خيرٍ فعملَتْ شرًّا، أو عازمةً على شرٍّ فعملَتْ خيرًا.

﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾؛ أي: أينَ تموت، وربَّما أقامت بأرضٍ، وضربَتْ أوتادها، وقالَتْ: لا أبرحُها، فترمي بها مرامي القدر حتى تموتَ في مكانٍ لم يخطرْ ببالِها.

وقرئ: (بأيَّةِ أرضٍ) (١)، وشبَّه سيبويه تأنيثَ (أيّ) بتأنيث (كل) في: (كلتهنَّ) (٢).

واعلم: أنَّ الانطباقَ على سبب النُّزول المذكور، والاتِّفاقَ بما روي في "صحيح البخاري " عن ابن عمر : "مفاتيحُ الغيبِ خمسةٌ لا يعلمُها إلَّا الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ … الآية" (٣) = إنَّما يكونان على تقدير أنْ يظهرَ [اختصاص] علمِ أوقات نزول الغيث وعلمِ أحوال الحمل به [تعالى] (٤)، وذلك بأن يكون تقدير قوله: ﴿وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾: و أنْ ينزِّلَ الغيث، عطفًا على ﴿السَّاعَةِ﴾، يعني: عندَه علمُ السَّاعة وعلمُ إنزال الغيث، فحذف (أنْ) كقوله:


(١) نسبت لموسى الأسواري وابن أبي عبلة. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١١٧)، و"المحرر الوجيز" (٤/ ٣٥٦).
(٢) في النسخ: "كلهن"، والمثبت من "الكتاب". انظر: "الكتاب" لسيبويه (٢/ ٤٠٧).
(٣) رواه البخاري (٤٦٢٧).
(٤) ما بين معكوفتين من رسالة للمؤلف بعنوان: "رسالة في تحقيق الغيب"، وما ذُكر هنا هو بعض ما جاء في تلك الرسالة المفيدة، وهي مطبوعة ضمن مجموع رسائله، وقد من الله علينا بتحقيقها في جملة ما حققناه من رسائله.