للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٢٠) - ﴿يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا﴾.

﴿يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا﴾ مِن شدَّة الجبنِ والخوفِ، ففرُّوا إلى المدينة وقد انهزمَ الأحزابُ، وهم مِن استيلاءِ الفَزَعِ عليهم لا يصدِّقونَ بذلك.

﴿وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ﴾ كرَّةً أخرى ﴿يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ﴾ تمنَّوا أنَّهم خارجون إلى البدوِ بينَ (١) الأعرابِ ﴿يَسْأَلُونَ﴾ كلَّ قادمٍ مِن جانبِ المدينةِ ﴿عَنْ أَنْبَائِكُمْ﴾ وما جرى عليكم.

﴿وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ﴾ هذه الكرَّة، ولم يفرُّوا إلى المدينةِ، ووقع قتالٌ ﴿مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا﴾: إلَّا قتالًا قليلًا؛ رياءً وخوفًا مِن التعيير.

* * *

(٢١) - ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾.

﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾: خصلةٌ ﴿حَسَنَةٌ﴾ يجبُ أنْ يُؤتَسى به، وهي المصابرة على الجهاد، والثَّبات في المحاربة، ومقاساة الشَّدائدِ.

والأولى بفصاحة القرآن أن تكون ﴿فِي﴾ [في] (٢) قوله: ﴿لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ﴾ للتَّجريد؛ أي: لقد كان لكم رسولُ الله بنفسِه أُسوةٌ حسنةٌ؛ أي: هو قدوةٌ يجبُ أنْ يُقتدَى به، كما تقولُ: لي من فلان صديقٌ صادق، ومعناه: المبالغةُ في الصَّداقة؛ كأنَّ فيه مِن كمال صداقتِه صديقٌ آخرُ.


(١) في (ف) و (م): "إلى البدوين"، وفي (ي): "إلى المدينة".
(٢) زيادة يقتضيها السياق.