للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وليس العتابُ في الإخفاءِ وحدَه؛ فإنَّه أحسن، بل في الإخفاء مخافةَ قالةِ النَّاس فيه، وإظهارِ ما ينافي إضمارَه، فإنَّ الأَولى أنْ يصمُتَ فيه أو يفوِّض الأمرَ إلى رأيه (١)، حتى لا يخالِفَ سرُّه علانيَته؛ لأنَّ الأنبياء كذلك.

وعن عائشة : لو كتمَ رسولُ الله ممَّا أوحيَ إليه لكتمَ هذه الآية (٢).

﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا﴾ إذا تعلَّقَتْ (٣) همَّةُ الرَّجلِ بشيءٍ وبلغَ حاجته منه قيل: قضى منه وطرَه؛ أي: فلمَّا لم يبقَ لزيدٍ فيها حاجةٌ، وطابَتْ عنها نفسُه، وطلَّقَها، وانقضَتْ عدَّتُها.

وقيل: قضاء الوطر كنايةٌ عن الطلاق نحو: لا حاجة لي فيك (٤).

﴿زَوَّجْنَاكَهَا﴾، وقرئ: (زَوَّجْتكها) (٥)، أي: أمرنا بتزويجها منك، أو: تولَّينا تزويجَها منك، ويؤيِّدُه أنَّها كانت تقول لنساءِ النَّبيِّ :


(١) كذا في جميع النسخ، وفي "تفسير البيضاوي" (٤/ ٢٣٣): (ربِّه)، وفي "روح المعاني" (٢١/ ٣٢١): (رأي زيد).
(٢) رواه البخاري (٣٢٠٧)، والطبري في "تفسيره" (١٩/ ١١٧)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٢٤/ ٤١). ولفظ البخاري: (لو كان النبي كاتمًا شيئًا من الوحي لكتم هذه الآية: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ الآية [الأحزاب: ٣٧]).
(٣) في (ك): "ابتلغت".
(٤) في (ف) و (م) و (ك) وقع قوله: "وقيل: قضاء الوطر كناية عن الطلاق نحو لا حاجة لي فيك" بعد قوله: "زوجناكها".
(٥) نسبت لعلي بن أبي طالب والحسن والحسين . انظر: "الكشاف" (٣/ ٥٤٣)، و"المحرر الوجيز" (٤/ ٣٨٧).