وصاحب القيل المذكور هو الزمخشري، وتابعه فيه البيضاوي.
ومن تعقُّباته على البيضاوي قولُه في تفسير: ﴿وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ﴾ [النساء: ١٢]: (أي: ولواحد منهما، فلا ضرورة للحمل على الاقتصار كما ذهب إليه مَن قال: أي: وللرجل، واكتُفيَ بحُكمه عن حُكم المرأة لدلالةِ العطف على تشارُكهما فيه).
والقائل المذكور هو البيضاوي في "تفسيره".
ومن أجمل الأمثلة على تعقُّبه للبيضاوي كلامُه عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ [آل عمران: ١٣٤] حيث قال: (ومَن قالَ في تفسيره [أي: تفسير الكظم، والقائل هو البيضاوي]: الممسِكينَ عليهِ، الكافِّينَ عن إمضائهِ معَ القدرةِ عليهِ، فلَم يُصِب في اعتبارِه القيدَ الأخيرَ؛ لأنهُ غيرُ لازمٍ في كظمِ الغيظِ، على ما يُفهَم من قولهِ ﵇: مَن كظَم غيظاً وهو يقدِرُ على إنفاذِه ملأَ الله قلبَهُ أمناً وإيماناً).
قلتُ: ومراد المؤلف ﵀: أن الكف عن إمضاء الغيظ مع القدرةِ عليه ليس داخلاً في معنى الكظم، بدلالة تقييدِه به في الحديث، ولو كان منه لَمَا قيِّد به، والبيضاوي جعله داخلاً في معنى الكظم.
ومن الأمثلة الحسنة أيضًا قولُه عند تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ﴾ [الأعراف: ٢٠١]: (إذا نالهم وسوستُه، قيل [والقائل البيضاوي]: كأنه: طافت بهم ودارت حولهم فلم تقدر أن تؤثر فيهم).