ثم تعقب القيل المذكور بقوله:(وكأنَّ هذا القائلَ غافلٌ عن قوله تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ﴾ [النساء: ١٦٠]، أو عن دلالته على أنَّ النسخ قد يكون غضباً على قوم.
ثم إنَّ قوله: وذلك يختلف باختلاف الأعصار … إلخ، مَبناه الغفولُ عن أن النسخ قد يكون قبل العمل بالمنسوخ).
وانظر إلى قوله:(﴿الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠]: ﴿الْوَصِيَّةُ﴾ فاعلُ ﴿كُتِبَ﴾، وتأنيثُها ليست بحقيقة فيجوز تذكيرها - ولا حاجة إلى ما قيل: وتذكير الفعل للفاصل، أو لأنها بمعنى: أن يوصيَ، ولهذا ذكِّر ضميرها في قوله: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ﴾ - والعامل في ﴿إِذَا﴾ مدلولُ ﴿كُتِبَ﴾ لا ﴿الْوَصِيَّةُ﴾؛ لتقدُّمه عليها).
فقوله:(ولا حاجة … ) رد على البيضاوي، وقوله:(والعامل … ) نقله منه بالحرف معتمداً إياه.
وعند تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٨] قال: (تقبيحٌ بليغٌ لِمَا كانوا يتعاطَونه من المنكَرِ في ذلك مع اطِّلاع بعضِهم على حالِ بعضٍ، ﴿بِالْبَاطِلِ﴾: بالجهة التي ليست مشروعةً؛ كما في العقود الفاسدة، والأكسابِ الخبيثة، وأموالِ الغنيمة قبل القسمة، هذا هو الظاهر من قوله: ﴿أَمْوَالَكُمْ﴾.
قيل: أي: ولا تأكلوا بعضُكم مالَ بعضٍ. ولا يخفى ما فيه من الصَّرف عن الظاهر بلا داعٍ إليه).