للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإنَّه حمل الأمانةَ ولم يؤدِّها؛ أي: عصانا (١) ولم يطع.

﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا﴾ لأنَّه لم يؤدِّ حقَّنا وأمانتنا، ولم يفِ بعهدنا وخانَنا ﴿جَهُولَا﴾ بوخامةِ عاقبته. ولام التَّعليل للعاقبة؛ لأنَّ التَّعذيبَ يَعقب حملَ الأمانةِ.

ويجوزُ أنْ يُرادَ بالأمانةِ: العقلُ، وما يلزمُه من التَّكليف.

وبعرضِها عليهنَّ: اعتبارُها بالإضافة إلى استعدادهنَّ.

وبإبائهنَّ: الإباءُ الطَّبعي، الذي هو عدمُ اللياقة والاستعداد.

وبحمل الإنسان: قابليَّتُه واستعدادُه لها، وكونه (٢) ظلومًا جهولًا لِمَا غلبَ عليه مِن القوَّة الغضبيَّة والشهويَّة، وعلى هذا يَحسُن أن يكون علَّةً للحمل عليه، فإنَّ مِن فوائدِ العقلِ أنْ يكون مهيمنًا على القوَّتَيْنِ، حافظًا لهما عن التَّعدِّي ومجاوزةِ الحدِّ، ومعظمُ المقصودِ مِن التَّكليف: تعديلُهما وكسرُ سَورتهِما.

* * *

(٧٣) - ﴿لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.

﴿لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ تعليلٌ للحمْلِ مِن حيثُ إنَّه نتيجته (٣)؛ كالتَّأديبِ للضَّربِ، في: ضربتُهُ تأديبًا.


(١) من قوله: "لما يوجب طاعتنا … " إلى هنا سقط من (م) و (ي) و (ع).
(٢) في (ف) و (ك): "بكونه".
(٣) في (ع) و (ي): "نتيجة"، وفي (م): "ينتجه"، وفي (ف): "ينتخبه". والمثبت من (ك)، وهو الموافق لما في "تفسير البيضاوي".