للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ووجهٌ آخرُ، وهو أنْ يراد بالطَّاعة: الانقياد لأمر اللَّه تعالى مطلقًا، بحيث يشتمل الاختياريَّ والطَّبيعيَّ.

وبعرضها: استدعاؤُها الذي يعمُّ إرادةَ صدور ما خُلقت هذه الأجرام لها عليها (١)، وطلبَ ما خُلِقَ الإنسان له منه (٢).

وبحملِها: الامتناعُ من أدائها والخيانة فيها.

يُقال: حملَ الأمانة واحتملها: إذا لم يؤدِّها إلى صاحبها فيخرجَ مِن (٣) عهدتها وتزولَ عن ذمَّته؛ لأنَّ الأمانة إذا كانت عليه كانت كأنَّها (٤) راكبةٌ له وهو حاملها، كما يُقالُ: ركبَتْهُ الدُّيون، فإذا أدَّاها لم تبقَ راكبةً له، ولا يكون هو حاملها.

وبإبائِها حملَها (٥): إتيانُها بما أراد اللَّه تعالى منها طوعًا وانقيادًا.

وبإشفاقِها: موافقتُها لأمر اللَّه وامتناعُها من مخالفته.

على أنَّها مجازاتٌ، فيكون المعنى: أنَّ هذه الأجرام مع عِظَمِها وقوَّتها لم تمتنع مِن طاعتنا، وانقادَتْ لِمَا أمرناها به، وأدَّتْ أمانتنا (ولم تخُنْ، وأذعنَتْ لِمَا أردنا منها، كقوله: ﴿أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فصلت: ١١].

وأمَّا الإنسان مع كونه عاقلًا لِمَا يوجِبُ (٦) طاعتنا، فحاله بخلاف ذلك،


(١) في (م): "عنها".
(٢) عبارة البيضاوي: (استدعاؤها الذي يعم طلب الفعل من المختار وإرادة صدوره من غيره).
(٣) في (ف): "عن".
(٤) "كأنها" سقط من (ك).
(٥) في (ي) و (ع): "حاملها".
(٦) في (ك): "عالمًا بوجوب"، وفي (ف): "عاقلًا لما بوجوب".