للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٥٣) - ﴿وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾.

﴿وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ﴾؛ أي: بمحمَّدٍ ، أو بالعذاب ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ مِن قبلِ ذلك أوانَ التكليف.

﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ﴾: يرجمون به ويتكلَّمون بما لم يَظهر في رسولِ الله مِن قولهم: ساحرٌ وشاعرٌ وكذَّاب، ولم يُشاهدوا منه شيئًا مِن ذلك.

﴿مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾؛ أي: قد أَتَوا هذا الغيبَ مِن جهةٍ بعيدةٍ عن حالِه ؛ لأنَّه أبعدُ شيءٍ ممَّا جاء به الشِّعر والسِّحر، وأَبعدُ مِن عادته التي هو معروفٌ بها الزور والكذب.

وعلى تقدير عودِ الضميرِ على العذاب، معنى قَذْفِهم بالغيب: قياسُهم أمرَ الآخرةِ على أمرِ الدنيا، وهو غيبٌ ومقذوفٌ به مِن جهةٍ بعيدةٍ.

والعطف على ﴿وَقَدْ كَفَرُوا﴾ على حكايةِ الحالِ الماضيةِ، أو على (قالوا) فيكون تمثيلًا آخَرَ لهم، بأنْ مُثِّلت حالُهم في طلب المستحيِل - وهو نفعُ الإيمان في الآخرة - بمَن يَقذف شيئًا إلى مَن لا يراهُ مِن مكانٍ بعيدٍ، لا مجالَ للظَّنِّ في لحوقه؛ لغايةِ بُعْدِه.

وقرئ: (يُقذَفون) على البناء للمفعول (١)، على أنَّ الشيطانَ يُلقي إليهم ويُلقِّنهم ذلك.

* * *


(١) نسبت لمجاهد. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١٢٢).