للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مرفوع المحلِّ بإضمار فعلٍ لا بالابتداءِ؛ أي: هل يرزقُكُم مِن خالقٍ، أو استئنافٌ دلَّ على أنْ لا خالقَ غير اللَّه، وعلى وجوب شكر نعمتِه، فهو أحسنُ الوجوه، وعلى الوجهَيْن الأخيرَيْن لا محلَّ له من الإعراب.

﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ جملة مفصولة [لا محل لها] (١) مثل ﴿يَرْزُقُكُمْ﴾ في الوجه الثَّالثِ؛ إذ لو وصلْتَه مثل ﴿يَرْزُقُكُمْ﴾ في الوجهَيْن الأوَّلَيْن لفسد (٢) المعنى؛ لأنَّ قولَك: هل من خالق آخر سوى اللَّه لا إله إلَّا ذلك الخالق (٣)؛ متناقضٌ.

﴿فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾: فمِنْ أيِّ وجهٍ تُصرَفون عنِ التَّوحيدِ إلى إشراكِ غيرِه.

* * *

(٤) - ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾.

﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾: تسليةٌ لرسول اللَّه ، وبعثٌ له على التَّأسِّي بالرُّسل السَّابقين في الصَّبر على تكذيبهم؛ أي: وإن يكذِّبوك فتأسَّ بالرُّسلِ العظامِ، واصبرْ (٤) على تكذيبهم، فوضع ﴿فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾ موضعه لبيان السَّبب، واستغنى بذكر السَّبب عن المسبَّب إيجازًا.

وتنكير ﴿رُسُلٌ﴾ للتَّعظيم المقتضي لزيادةِ التَّسليةِ، والحثِّ على الصَّبرِ؛ أي: رسلٌ عظامٌ ذوو (٥) عددٍ كثيرٍ، وأولو آياتٍ بيِّناتٍ.


(١) في (ع) و (ف) و (ك) و (ي): "منصوبة"، وفي (م): "منصوب"، وكلاهما تحريف، والمثبت من "الكشاف" (٣/ ٥٩٨)، والكلام وما بين معكوفتين منه.
(٢) في (ف): "يفسد".
(٣) في (ف): "إلا هو".
(٤) في (ف) و (ك): "فاصبر".
(٥) في النسخ عدا (ك): "ذو"، والمثبت من (ك) و"الكشاف" (٣/ ٥٩٩).