للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿الْحَكِيمُ﴾ الذي لا يفعلُ ما يفعلُ إلَّا بحكمةٍ وإتقان علم (١).

ثمَّ لَمَّا بيَّنَ أنَّه الموجِدُ للملكِ والملكوتِ، المتصرِّفُ في الكلِّ على الإطلاق، أمرَ النَّاس بشكرِ نعمتِه وتخصيصِه به تعالى، فقال:

(٣) - ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾.

﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ الخطابُ عامٌّ، وكذا النِّعمةُ، ولا عبرةَ في الخصوصِ في سببِ النُّزولِ، والمرادُ بذكرِ النِّعمةِ: شكرُها بالقلبِ واللِّسان والجوارح، برؤيتها منه لا مِن غيرِه، وأداءِ حقوقِها بالثَّناءِ على المنعِم، والطَّاعةِ له، واستعمالِها في مراضيه (٢).

ثمَّ أنكرَ أن يكونَ لغيره في ذلك مَدخلٌ فيستحِقَّ أنْ يُشرَكَ به بقولِه:

﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ قرئ بالحركات الثَّلاث (٣)؛ أمَّا الرَّفع فللحمل على محلِّ ﴿مِن خَلِقٍ﴾ بأَنَّهُ وصفٌ أو بدلٌ (٤)، فإنَّ الاستفهام بمعنى النَّفي، أو لأنَّه فاعل ﴿خَالِقٍ﴾، وأمَّا الجرُّ فللحمل على لفظِه، وأمَّا النَّصبُ فعلى الاستثناء.

﴿يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ صفة لـ ﴿خَالِقٍ﴾، أو تفسير لعامله إنْ جعلتَه


(١) في (ف) و (ك): "علمه".
(٢) في (م): "مرضيه".
(٣) قرأ حمزة والكسائي بخفض الراء، وباقي السبعة برفعها. انظر: "التيسير" (ص: ١٨٢).
ونسبت القراءة بنصب الراء للفضل بن إبراهيم النحوي. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١٢٣).
(٤) بعدها في (ف) و (ك): "أو تفسيرٌ لعامله إنْ جعلتَهُ مرفوعَ المحلِّ"، وهو ناشئ عن سبق نظر عند الناسخ، وسيأتي في مكانه الصحيح.