للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾ (إذا) للمفاجأة، والفاء فصيحةٌ للعطف على مقدَّر تفصيله: لمَّا بلغَ مَظِنَّة (١) إظهارِ الشكر والحمدِ على آثارِ قدرتنا، ففاجأَ بإعلانِ الكفران والجحد مُبالغاً (٢) في الخصومة، مُعرِباً عمَّا في نفسه مِن الجناية، وحالُه أنَّ خِصامَه في أَلْزَمِ (٣) وصف له، وأبلغِ حجَّةٍ عليه، وهو أنَّه مُنشَأٌ مِن مواتٍ، والإعادةُ أهونُ مِن الإبداءِ، فخِصامه محضُ مكابرةٍ وصِرفُ معاندة.

* * *

(٧٨) - ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾.

﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا﴾ إنَّما سمَّى قولَه مَثَلاً؛ لكونه أمراً عجيباً (٤) وقصَّةً غريبةً كالمَثَل، حيث أَنكر قدرةَ اللهِ تعالى على إنشاءِ المواتِ وقد أَنشأهُ اللهُ تعالى مِن الموات.

﴿وَنَسِيَ﴾: ولا يتذكَّر ﴿خَلْقَهُ﴾ وهو أقربُ شيءٍ إليه.

﴿قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾ رويَ أنَّ أُبَيَّ بنَ خَلَفٍ أَتَى النبيَّ بعظمٍ بالٍ تفتَّت بيده، فقال: أترى أن الله يحيي هذا بعدما رمَّ؟! فقال : "نَعَم ويَبعثُكَ ويُدخِلُك النارَ" فنزلت (٥).


(١) في (ك): "فطنة".
(٢) في (م): "ففاجأ بإعلان للكفران والحجب مبالغة"، وفي (ع) و (ي): "فقد جاء بإعلان الكفران والحجب مبالغا".
(٣) في (ك): "الذم"، وفي (ي): (إلزام)، والمثبت من باقي النسخ، وعبارة "الكشاف" وعنه النسفي: (في ألزم وصف له وألصقه به).
(٤) في (ف): "عجبا".
(٥) رواه عبد الرزاق في "التفسير" (٢/ ١٤٦)، والطبري في "التفسير" (١٩/ ٤٨٦)، عن قتادة. وقال =