للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾ دليل ثالثٌ، كأنَّه قال: أَبَعْدَ ما مرَّ مِن الدليلين لا يَقدر مَن خلَقهما مع كِبَرِ جِرْمهما وعِظَم شأنِهما على خَلْقِ مثلِهم مع صغرِهم وقماءتهم بالنسبة إليهما.

وقيل: على إعادتهم (١)؛ لأنَّ المعادَ مَثَلٌ للمبدأ في أصول البنية والذات والصفات.

ويردُّه: أنَّ المذهبَ خلافُ ذلك.

﴿بَلَى﴾ جوابٌ مِن الله تعالى مُشعِرٌ بأنَّ الجوابَ منحصرٌ في هذا، وهو الإثباتُ بعد النفي.

﴿وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾ المبالغةُ في الخلقِ والعلمِ المستفادة مِن الصفتين المذكورتين، تناسب المقام.

* * *

(٨٢) - ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾.

﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ﴾: قولُه، على ما مرَّ في سورة النحل: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل: ٤٠]، ومَن حملَ الأمرَ هنا على الشأنِ، فقد غفلَ عن ذلك البيانِ.

شبَّه تأثيرَ قدرته تعالى في مرادِه بأمرِ آمرٍ مطاعٍ وَرَدَ على مأمورٍ مطيعٍ لم يَلبث أنْ يمتثل، فقال: إنَّما أَمْره في إيجاد الأشياء ﴿إِذَا أَرَادَ شَيْئًا﴾؛ أي: تكوينَه ﴿أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ﴾؛ أي: تَكوَّنْ ﴿فَيَكُونُ﴾ فيحدثُ مِن غيرِ امتناعٍ عليه ولا توقُّفٍ


(١) في (ع) و (م) و (ي): "عادتهم".