﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾ دليل ثالثٌ، كأنَّه قال: أَبَعْدَ ما مرَّ مِن الدليلين لا يَقدر مَن خلَقهما مع كِبَرِ جِرْمهما وعِظَم شأنِهما على خَلْقِ مثلِهم مع صغرِهم وقماءتهم بالنسبة إليهما.
وقيل: على إعادتهم (١)؛ لأنَّ المعادَ مَثَلٌ للمبدأ في أصول البنية والذات والصفات.
ويردُّه: أنَّ المذهبَ خلافُ ذلك.
﴿بَلَى﴾ جوابٌ مِن الله تعالى مُشعِرٌ بأنَّ الجوابَ منحصرٌ في هذا، وهو الإثباتُ بعد النفي.
﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ﴾: قولُه، على ما مرَّ في سورة النحل: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل: ٤٠]، ومَن حملَ الأمرَ هنا على الشأنِ، فقد غفلَ عن ذلك البيانِ.
شبَّه تأثيرَ قدرته تعالى في مرادِه بأمرِ آمرٍ مطاعٍ وَرَدَ على مأمورٍ مطيعٍ لم يَلبث أنْ يمتثل، فقال: إنَّما أَمْره في إيجاد الأشياء ﴿إِذَا أَرَادَ شَيْئًا﴾؛ أي: تكوينَه ﴿أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ﴾؛ أي: تَكوَّنْ ﴿فَيَكُونُ﴾ فيحدثُ مِن غيرِ امتناعٍ عليه ولا توقُّفٍ