للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في إفاضةِ (١) الخَيرِ والبركةِ والزِّيادةِ فيها، وباعتبارِ تَخيره عالمَ المَلكوتِ بمُقتضى إرادتهِ بالتَّسبيحِ الذي هو كونه تعالى مُنزَّهًا عن مُشابهةِ الأجسامِ، حَيثُ قالَ تَعالى: ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [يس: ٨٣]، وأورَدَ كلًّا بما يُناسِبهُ؛ لأنَّ الزيادةَ والبَكةَ تُناسبُ الأجسامَ في نُموِّها وازديادِها، والتَّنزُّهَ يُناسِبُ المجرَّداتِ عن المادَّةِ.

﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ سواءٌ كان ذلكَ الشيءُ مِن عالم المُلكِ أو مِن عالمِ المَلكوتِ، ففيه دَفعُ ما عسى أنْ يَسبقَ إلى الوَهمِ - مِن تخصيصِ المُلكِ بالذِّكرِ - اختصاصُ الحُكمِ السَّابقِ به.

* * *

(٢) - ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾.

﴿الَّذِي﴾ بدلٌ مِن الذي قبله، أو خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ.

﴿خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾ الخَلقُ بمعنَى الإيجادِ إنْ كان المَوتُ ضدَّ الحياةِ، وبمعنَى التَّقديرِ إن كان عَدمَها، وإنَّما قُدِّمَ المَوتُ عليها لأنَّه أدعَى إلى حُسنِ العملِ، فذِكرُه في المقامِ أهمُّ (٢)، وأمَّا قولهُ تعالى: ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨] فالموتُ فيه على المعنى المَجازيِّ.

﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾ ليُعاملكم مُعاملةَ المُختَبِر، مِن البَلوَى وهي الخِبرةُ (٣).

﴿أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ في الدُّنيا بالزُّهد في أُمورها والرغبةِ عنها، وكما أنَّ الاختبارَ في


(١) في (ع) و (ي): "إضافة"، وفي (م): "إفادة".
(٢) انظر: الكشاف (٤/ ٥٧٥)، وقال القرطبي: (لأن الموت إلى القهر أقرب). انظر: "تفسير القرطبي" (٢١/ ١١٠).
(٣) في (ع): "الخبر". والمثبت من باقي النسخ و"الكشاف" (٤/ ٥٧٥).