للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الكهف: ٧] غيرُ مخصوصٍ بالمكلَّفينَ بالشَّرائعِ (١) كذلك هاهنا غيرُ مخصوصٍ بهم.

جملة (٢) واقعةٌ مَوقعَ المفعولِ الثَّاني لفِعلِ البَلوى مِن حيث إنَّه تَضمَّنَ معنى العِلمِ، فليس هذا مِن باب التَّعليقِ (٣) لأنَّ الجُملةَ المعلَّقَ عنها يَجبُ أنْ تقعَ مَوقعَ المفعولَينِ معًا (٤).


(١) في هامش (ف): "فيه رد للقاضي؛ لأنَّه قال: أيها المكلفون".
(٢) يعني قوله تعالى: ﴿أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾.
(٣) في هامش "ب": "قولهُ: ولَيَسَ هذا مِن بابِ التَّعليقِ، نَفيٌ للتَّعلِيقِ الَّذِي هُو مِن خَصائصِ أفعَالِ القُلوبِ، وهُو لا يُخالفُ ما ذَكرهُ في سُورةِ هُودٍ مِن قَولهِ: (وإنَّما جازَ تَعلِيقُ فِعلِ البوى لما فيهِ مِن مَعنَى العِلمِ مِن حَيثُ إنه طَريقٌ إليهِ كالنَّظرِ والاستِماعِ)؛ لأنَّ المُرادَ ثمةَ تَسليطُ فِعلِ البَلوى على ﴿أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ مِن جِهةِ كونهِ جُملةً واقِعة مَوقعَ المَفعولِ الثَّاني مَع أنَّه لا يتَعدَّى بغَيرِ واسِطةٍ إلا إلى مَفعولٍ واحِدٍ، وذَلكَ لأنَّ ما ذَكرهُ منَ التَّعليلِ إنَّما يَصلحُ لما قُلتُ لا للتَّعلِيقِ النَّحويِّ، فإنَّ وَجههُ تَصديرُ الجُملةِ بكلِمةِ الاستِفهامِ بعدَ أن كانَ بمَعنَى العِلمِ لا كونُه بمَعناهُ، كيفَ وطلبُ وَجهِ جَوازِ التَّعليقِ إنَّما يَكونُ بعدَ العِلمِ بوُجودِهِ، والعِلمُ بهِ يتَوقَّفُ عَلى تَضمُّنهِ مَعنى العِلمِ، فبَعدَ العِلمِ بالتضمُّنِ يُستَغنى عَن بَيانِ وَجهِ جَوازِ التَّعلِيقِ، فتدبَّرْ … يتوهَّمُ أنَّ التَّعلِيقَ في المَوضِعينِ بمَعنىً واحدٍ، ويُقالُ في وَجهِ التَّلفيقِ: إنَّما في سُورةِ هُودٍ تَجويزُ تَعلِيقهِ باعتِبارِ تَضمُّنِ مَعنَى العِلمِ مِن غَيرِ نَظرٍ إلى خُصوصِ تَركيبِ ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ وفي سُورةِ المُلكِ مَنعهُ بالنَّظرِ إلى خُصوصهِ، وفيهِ أنَّ جَوازَ التَّعلِيقِ فيهِ مِن أينَ عُلمَ حتَّى يُحتاجَ إلى بَيانِ وَجههِ؟ وهاهُنا وُجوهٌ أُخرُ ذَكرُوها ولفَسادِها معَ كَونِ مَبناها فاسِدًا طَويناها عَلى غَيرِها، ثمَّ إنَّهُ يَجوزُ أن يُرادَ بالتَّضمُّنِ هاهُنا التَّضمِينُ المُصطَلحُ، وأن يُرادَ الاستِعارةُ لمعنَى العِلمِ، والآيةُ الكَريمةُ تَحتمِلُها، لكنَّ الزَّمخشرِيِّ نصَّ عَلى الثَّاني في هَذهِ السُّورةِ، ولو حَملَ الأولُ وَجهَ المُتضمَّن حالًّا عامِلًا في الجُملةِ فقطْ لمْ يَبعدْ أنْ يُوجدَ في الآيةِ التَّعلِيقُ النَّحويُّ فتدبَّرْ. الفاضِلُ سِنان جَلبي".
(٤) وما ذهب إليه المؤلف مَبْنَاهُ على أنَّ تعليقَ أفعالِ العِلمِ عن العملِ لا يستقيمُ إلَّا إذا لم يُذْكرْ للفعلِ مفعولٌ، فإذا ذُكِر مفعولٌ لم يَصِحَّ تعليقُ الفعلِ عن المفعولِ الثاني. وفي المسألة قولان نقلهما في =