للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولمَّا قَدمَ الموتَ الذي هو أثرُ صفةِ القَهرِ على الحياةِ التي هي أثرُ صفةِ اللُّطفِ، قدَّمَ صفةَ القَهرِ على صِفةِ اللُّطفِ في قَولهِ تَعالى:

﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾: الغالبُ الذي لا يُعجِزهُ مَن أساءَ العملَ ﴿الْغَفُورُ﴾ الستَّارُ الذي لا يَيأسُ منه أهلُ الإساءَةِ والزَّلل.

* * *

(٣) - ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾.

﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا﴾: مُطابَقةً بَعضُها (١) فَوقَ بَعضٍ، مِن طابقَ النَّعلَ: إذا


= "التحرير والتنوير":
أحدهما: قول الفراء والزجاج والزمخشري في تفسير أول سورة هود: أن جملة الاستفهام سادة مَسدَّ المفعول الثاني، وأن فعل (يبلوكم) المضمن معنى (يَعْلَمكم) معلق عن العمل في المفعول الثاني، وليس وجود المفعول الأول مانعًا من تعليق الفعل عن العمل في الثاني، وإن لم يكن كثيرًا في الكلام.
والوجه الثاني: وهو الذي أوجبه المؤلف، على أن تؤول الجملة بمعنى مفردٍ تقديره: ليعلمكم أهذا الفريق أحسنُ عملًا أم الفريقُ الآخر، ثم قال: (وهذا مختار صاحب "الكشاف" في تفسير هذه الآية). فالزمخشري ذهب في سورة هود إلى مذهب الفراء والزجاج، واختار هاهنا المذهب الآخر، وهو صحيح من حيث العربية، والمسألة خلافية، وقد أشبعها الآلوسي دراسة وأورد مناقشة على ما ذهب إليه الزمخشري في الموضعين. انظر: "الكشاف" (٤/ ٥٧٥) ومعه "الانتصاف" لابن المنير، و"روح المعاني" (٢٧/ ٢٨٦)، و"التحرير والتنوير" (١٤/ ٢٩).
(١) في هامش "ب": "قولهُ: مُطابَقة بَعضها هو بفتحِ الباءِ، عَلى أنَّه صِيغةُ مَفعولٍ، إشارةٌ إلى أنَّ ﴿طِبَاقًا﴾ مَصدرٌ بمَعنى المَفعولِ صِفةُ ﴿سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾، مَعناهُ: مُطابقة بَعضُها فَوقَ بَعضٍ، وَيجوزُ أنْ يكونَ (مُطابقة) مَصدَرًا بمَعنى المَفعولِ، فالمُرادُ يبانُ كَونِ الطِّباقِ مَصدرًا بمَعنَى المُطابقةِ. لمَولانا سِنان جَلَبي". =