للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ﴾؛ أي: فكذَّبنا وأفرَطنا في التَّكذِيبِ حتَّى نَفينا الإنزالَ والإرسالَ رأسًا، وعلى وفقِ هذا وَردَ ما (١) في حَذفِ المَفعولِ من الإيماء إلى أنَّ تَكذِيبهُم لم يَكُن لرسولهمْ (٢) خاصَّةً، فقَولُهم:

﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ﴾ خِطابٌ لرَسُولهم ولأمثالهِ عَلى التَّغليبِ، أو إقامةِ تكذِيبِ الواحدِ مَقامَ تكذيبِ الكلِّ.

أشَارَ أوَّلًا إلى عُمومِ تكذِيبهم للرُّسلِ وبَعدَ ما صرَّحوا بما يَقتضِي ذلكَ أخرَجوا ما في حيِّزِ الإشارةِ إلى مَعرضِ العبارةِ.

ويُجوزُ أنْ يَكونَ مِن كَلامِ الخَزَنةِ عَلى إرادةِ القولِ، والمُرادُ بالضَّلالِ: الهلاكُ، أو الضَّلالُ في الدُّنيا حِكايةً لما كانُوا عليه فيها.

* * *

(١٠) - ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾.

﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ﴾ سَماعَ تَفهُّمٍ بتَفهيمِ الغَيرِ، كقولهِ تَعالى: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ﴾ [الأنفال: ٢٣].

﴿أَوْ نَعْقِلُ﴾ مِن عِندِ أنفُسنا بالتَّأملِ في الآياتِ الظَّاهرةِ الدَّالةِ (٣) عَلى وُجودِهِ تَعالى ووَحدانيَّتهِ، والبيِّناتِ الباهِرةِ القَائمةِ عَلى صحَّةِ دَعوى الرُّسلِ.

وقيلَ: أي: نَسمعُ سَماعَ قَبولٍ وطَاعةٍ، أو نَعقلُ عَقلَ مُتفكِّرٍ مُتأمِّلٍ.


(١) في (ف): "أوردنا"، وفي (م): "أورد ما".
(٢) في "ع": "لرسلهم".
(٣) في (ف): "الدلالة".