للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: قالَ لهُم، عَلى ما صرِّحَ بهِ في سُورةِ الزُّمرِ (١)، وفي التَّعبِيرِ عنهُ بالسُّؤالِ غيرَ مُوفٍّ (٢) حقَّهُ بالتَّعدِيةِ إلى مَفعُولهِ الثَّاني بـ (عن) تَنبِيهٌ عَلى أنَّهُ لَيسَ بسُؤالٍ حَقيقةً بلْ تَقرِيعٌ وتَوبِيخٌ في صورةِ السُّؤالِ.

﴿خَزَنَتُهَا﴾: حَفظةُ جَهنَّمَ - وهُم المَلائكةُ المُوكَّلونَ بتعذِيبِ أهلِها - توبيخًا لهم: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ رسولٌ مِن جِنسكُمْ يخوِّفكم مِن هذا العذابِ.

وحَملُ النَّذيرِ على ما في العُقولِ مِن الأدلَّةِ المُحذِّرةِ المُخوِّفةِ يَردُّهُ قَولهُ تَعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا﴾ [الزمر: ٧١].

* * *

(٩) - ﴿قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ﴾.

﴿قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ﴾ اعتِرافٌ مِنهم بأنَّ اللهَ تَعالى أزاحَ عِللَهمْ بإرسالِ الرَّسولِ.

وحملُ النَّذير عَلى معنَى الجَمعِ لمُساعدةِ الصِّيغةِ لهُ لا يَتحمَّلهُ المَقامُ، لأنَّ مَعنَى ﴿فَكَذَّبْنَا﴾: فكذَّبَ كلُّ واحدٍ منَّا النَّذيرَ الذي جاءنا، وكلُّ واحدٍ منهم لم يُكذِّب رُسلًا مُتعدِّدةً جاؤوهم، كيفَ وقومُ نوحٍ ما جاءهم إلَّا نوح .


= يَدلُّ عَلى كَونهِ بمَعناهُ كما ظُنَّ، ثُم إنَّهُ إذا قُلتَ: سألتُهُ أقامَ زَيدٌ؟ مُريدًا بهِ الاستِعلامَ صحَّ، وكلِمةُ الاستِفهامِ في أمثالِهِ أغنَتْ عَن ذِكرِ صلةِ السُّؤالِ، فلَيسَ في تركها تَنبيهٌ عَلى أنه لَيَسَ بسُؤالٍ حقيقةً كما تُوهِّمَ. مَن حاشِيةَ القَاضِي لمولانا سِنان جَلَبي".
(١) يعني قوله تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا﴾ [الزمر: ٧١].
(٢) في (ك): "معرف".