للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٨) - ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾.

﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ﴾ ﴿تَمَيَّزُ﴾ (١)؛ أي: تَتقطَّعُ وتَتفرَّقُ.

﴿مِنَ الْغَيْظِ﴾ (٢) عَلى الكفَّارِ، تَمثيلٌ لشدَّةِ اشتِعالها بهم، ويجوزُ أنْ يُرادَ (٣) غَيظُ الزَّبانِيةِ، وأُسندَ إليها للمُلابسةِ. والغَيظ: الغَضب الكامِن، ولا يَلزمُ أن يَكونَ مِن العَجزِ كما تَوهَّمهُ الجَوهرِيُّ؛ لقَولهِ تَعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ [آل عمران: ١٣٤] (٤)، فإنَّهُ في مَقامِ المَدحِ، والعاجِزُ بمَعزِلٍ عَنهُ.

﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ﴾ مِن الكفَّار المُكذِّبين للرُّسل بدِلالةِ قوله: ﴿فَكَذَّبْنَا﴾، ولا حجَّةَ فيها للمُرجِئةِ على أنَّهُ لا يَدخُلُ النَّارَ أحدٌ إلَّا الكفَّارُ؛ لأنَّه بيَّنَ حالَ الدَّاخلينَ فيها زُمرًا وسَكتَ عن حال الدَّاخِلينَ فيها فُرادَى، فيَجوزُ أنْ يَكونَ عُصاةُ المُؤمِنين دخولهُم فيها فُرادَى.

﴿سَأَلَهُمْ﴾ (٥)؛ ............


(١) في (ب): "تتميز"، وليست في (ك) و (م).
(٢) في هامش "ب": "قولُهُ: ﴿مِنَ الْغَيْظِ﴾ الجَوهَريِّ: هُو الغَضبُ الكَامنُ للعَاجزِ، كِلا الوَصفَينِ إمَّا أنْ يَكونَ لشَخصٍ واحدٍ كما هُوَ الظَّاهرُ، فقَولُه تَعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ مِن قَبيلِ التَّجرِيدِ المُسمَّى في عِلمِ البَيانِ بالمَجازِ اللُّغويِّ الرَّاجِعِ إلى مَعنى الكَلمةِ غَيرِ المُفيدِ، أو لا يَكونَ بأنْ يَكونَ اللَّامُ صِلةَ الغَضبِ، يُقالُ: غَضبَ عَليهِ ولهُ، وكِلا الاستِعمالَين ثابتٌ، فقَولهُ تَعالى: ﴿قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ﴾ مِن هَذا القَبيلِ، مِن حَاشيةِ القاضِي مَولانا سِنان جَلَبي رَحمهُ اللهُ تَعالى".
(٣) في "ع": "يكون".
(٤) انظر: الصحاح (مادة: غيظ).
(٥) في هامش "ب": "قوله ﴿سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ أي: وقالُوا: ألم يأتِيكم .. الخ، فالسُّؤالُ عَلى مَعناهُ الأصلِيِّ غَايتهُ أنَّه لَيسَ بسُؤالِ استِعلامٍ، فصحَّةُ وَضعِ ﴿قَالَ﴾ مَكانَ ﴿سَأَلَ﴾ كمَا وَقعَ في الزُّمرِ لا =