للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿سَمِعُوا لَهَا﴾: لجَهنَّمَ ﴿شَهِيقًا﴾: صَوتًا مُنكَرًا كصَوتِ الحِمارِ، شبَّهَ حسيسَها الفَظيعَ بالشَّهيقِ (١).

قالَ ابنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعالى عَنهُما: الشَّهيقُ لجَهنمَ عِندَ إلقَاءِ الكفَّارِ فيها تَشهقُ إلَيهم شَهقةَ البَغلةِ للشَّعيرِ، ثُمَّ تَزفِرُ زَفرةً لا يَبقى أحدٌ إلا خافُ (٢).

وأمَّا الزَّفيرُ والشَّهيقُ للكفَّارِ المَذكُورانِ في قَولهِ تَعالى: ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ﴾ [هود: ١٠٦] فذَلكَ بَعدَ القَرارِ في النَّارِ، وبَعدَ مَا قِيلَ لهُم: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨] فصَاروا لا يَتكلَّمونَ، ولمْ يَبقَ لهُم إلَّا أصْواتٌ مُنكَرةٌ، ولا حُروفَ مَعها.

﴿وَهِيَ تَفُورُ﴾: تَرتفِعُ بهم بالغَليانِ، فإنَّ الفَورَ ارتفاعُ الشَّيءِ بالغَليانِ، لا الغَليانُ نَفسهُ، ومنهُ: الفوَّارةُ؛ لارتفاعِها بالماءِ ارتَفاعَ الغَليانِ.


(١) في هامش "ب": "وفي "الكشَّافِ": ﴿سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا﴾: إمَّا لأهلِها ممَّن تقدَّمَ طرحُهم فيها أو مِن أنفُسِهم، كقَوله: ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ﴾، وإمَّا للنَّارِ تَشبِيهًا لحَسِيسها المُنكَرِ الفَظيعِ بالشَّهيقِ. واعتُرضَ عَليهِ بما حَاصلُهُ: أنَّهُ قدْ سَبقَ في تَفسِير ﴿قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا﴾: ثُمَّ لا يَكونُ لهم إلَّا زَفيرٌ، ﴿وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾: أنَّ أهلَها بعدَما وَقعَ مِنهمُ المُقاولةُ في سِتةِ آلافِ سَنةٍ يُقالُ لهم: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا﴾ ثُمَّ لا يَكونُ لهم إلا زَفيرٌ وشَهيقٌ، فهُما إمَّا يَكونانِ لهُم بعدَ القَرارِ في النَّارِ، وبَعدَما قيلَ لهم: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ فأنَّى يتَسنَّى الاستِدلالُ بقَولهِ: ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ﴾ عَلى كَونِ الشَّهيقِ هاهُنا لأهلِها، ولا يَخفَى أنَّ ما سَبقَ إنَّما يدلُّ عَلى عَدمِ وُقوعِ غَيرِ الزَّفيرِ والشَّهيقِ بَعدَ القَرارِ، لا عَلى عَدمِ وُقوعِهما قَبلهُ، وبَعدَ التَّسليمِ ما ذُكرَ في "الكشَّافِ" لا يدلُّ عَلى وُقوعِهما وَقتَ الإلقاءِ فتأمَّلْ. لمَولانا سِنان جَلبي ". وانظر الكشاف (٤/ ٥٧٨).
(٢) انظر: "تفسير القرطبي" (٢١/ ١١٩). ووقع في "ب": "يخاف".