للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾؛ أي: بضَمائرِها مِن غيرِ أنْ تُترجِمَ الألسِنةُ عنها، فكيف لا يَعلمُ ما تَكلَّمُ به؟

* * *

(١٤) - ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.

ثُمَّ أنكَرَ بقَولهِ تَعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾؛ أي: ألا يُحيطُ عِلمًا بالمُسرِّ والمُجهرِ مَن خَلقَ الأشياءَ كلَّها ﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ وحالُهُ أنَّهُ المُتوصِّلُ عِلمهُ لِمَا بَطنَ مِن خَلقهِ وما ظهرَ، فهو تَذييلٌ بعدَ التَّعلِيلِ.

رُويَ أنَّ مُشرِكي مكَّةَ كانُوا يَنالُونَ مِن رسولِ الله فيُخبرُه جِبرائيلُ بما قالوا فيه ونَالُوا مِنهُ ، فقالوا فيما بينهم: أسِرُّوا قولكم كَيلا يَسمعَهُ إلهُ مُحمدٍ؛ فنزلت (١).

* * *

(١٥) - ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾.

﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا﴾: ليِّنةً ليسهُلَ لكم التَّصرُّفُ فيها بالحَركةِ والسُّكونِ وغيرِ ذلك.

﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ شُبِّهت الأرضُ في غايةِ تَذلِيلِها بالبَعيرِ المُذلَّلِ، والمَشيُ في المَناكبِ مَثلٌ لفَرطِ التَّذلِيلِ ومُجاوزَةِ الغايَةِ، فإنَّ مَنكِبَي البعيرِ ومُلتقاهما مِن الغَاربِ (٢) أدقُّ (٣) .........


(١) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ٤٤٢).
(٢) الغارِبُ: الكاهِلُ، أو ما بَيْنَ السَّنامِ والعُنُقِ، جمعها: غَوارِبُ. انظر: "القاموس" (مادة: غرب).
(٣) في (ف) و (ك): "أرق".