للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ﴾؛ أي: نُردُّ بعدَ المَوتِ إلى الحالةِ الأُولى؛ أي: الحياةِ؟ يُقالُ: رَجعَ في حَافرتهِ؛ أي: في طريقَتهِ الَّتِي جاء فيها فحَفرَها؛ أي: أثَّر فيها بمَشيهِ، جَعلَ أثرَ قَدميهِ حَفرًا، وتَوصيفُها بـ ﴿الْحَافِرَةِ﴾ بطَريقِ المَجازِ في النسبة (١)؛ كقَولهِ: ﴿عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ﴾ [القارعة: ٧]، أو عَلى تَشبيهِ القابلِ بالفاعِلِ (٢)، ثُمَّ اتُّسعَ فيه فقيلَ لمن كانَ في أمرٍ فخَرجَ منهُ ثمَّ عادَ إلَيهِ: رَجعَ إلى حافِرتهِ؛ أي: إلى حالَتهِ الأُولى (٣).

وقُرئ: (في الحَفِرة) (٤)، وهي بمعنى المَحفُورةُ (٥)، وفيها نَوعُ تأيِيدٍ لما قُلنا: إنَّ أصلَ الحافِرةِ بمعنَى المَحفُورةِ.

* * *

(١١) - ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً﴾.

﴿أَإِذَا﴾: مَنصوبٌ بمَحذُوفٍ تَقدِيرهُ: أئذا ﴿كُنَّا عِظَامًا﴾ نُردُّ ونُبعثُ، وقُرئ: ﴿إِذًا﴾ عَلى الخَبرِ (٦).


(١) في (ب): "التشبيه".
(٢) قوله: "تشبيه القابل بالفاعل" هو على مذهب السكَّاكي من جعل أمثاله استعارة مكنية وتخييلية؛ لأنَّه بمعنى الطريق، وهي قابلة للحفر، فشبه القابل للفعل بمن يفعله؛ لتنزيله منزلته، فالاستعارة في الضمير المستتر، وإثبات الحافرية له تخييل على ما عرف من المذاهب فيه. انظر: "حاشية الشهاب" (٨/ ٣١٤).
(٣) ومنها: رجع فلان على حافرته، إذا شاخ وهوم. انظر: "أساس البلاغة" (مادة: حفر).
(٤) نسيت لأبي حيوة وابن أبي عبلة وأبي بحرية. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١٦٨)، و"المحتسب" (٢/ ٣٥٠)، و"البحر" (٢١/ ٢١٢).
(٥) في (ب): "وهو المحفورة" بدل: "وهي بمعنى المحفورة".
(٦) قراءة ابن عامر ونافع والكسائي. انظر: "التيسير" (ص: ١٣٢ - ١٣٣).