للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ﴾: أُظهرَت ﴿لِمَنْ يَرَى﴾، وهم الطَّاغونَ؛ لقولهِ تَعالى: ﴿وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ﴾ [الشعراء: ٩١].

ومَن قال (١): إنَّهُ مِن الأفعالِ التي لا يُقدَّرُ لها مفعولٌ؛ أي: لكُلِّ ذِي بَصرٍ، والمُرادُ العُمومُ (٢)، والمَعنَى أنَّها تُظهَرُ إظهارًا بيِّنًا لا يَخفَى عَلى أحدٍ فيَراها أهلُ السَّاهرةِ جميعًا= فكأنَّهُ غَفلَ عن قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾ [الأنبياء: ١٠١، ١٠٢].

وقُرئَ: (وبرزَتْ) مُخفَّفةً (٣)، و: (لمن رأى) (٤)، و: (لمن تَرى) (٥)، والضَّميرُ للجَحيمِ لقولهِ تَعالى: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [الفرقان: ١٢].


(١) يعني به الزمخشري. انظر: "الكشاف" (٤/ ٦٩٨).
(٢) في هامش "ب": "هَذا العُمومُ مُستفادٌ مِن لَفظِ (مَن) لأَنَّها مِن ألفاظِ العُمومِ، ولا دَخلَ لحَذفِ مَفعُولِ ﴿يَرَى﴾ في إفادةِ العُمومِ؛ لأنَّ المُستفادَ مِن حَذفِ المَفعُولِ عُمومُ المُفعولِ لا عُمومُ الفاعلِ، والمَقصُودُ هاهنا عُمومُ الفَاعلِ، أمَّا عَدمُ خَفائِها عَلى المُؤمِنينَ فلأنَّهمْ يَمرُّونَ عَليها حِينَ مُجاوزةِ الصِّراطِ؛ لقَولهِ تَعالى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ إلى قَولهِ تَعالى: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ [مريم: ٧٢] فإنْ قيلَ: إنَّهُ تَعالى قالَ في سُورةِ الشُّعراءِ: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ﴾ [الشعراء: ٩٠، ٩١] محض الغَاوينَ بتَبريزِها لهم، قُلنا: إنَّها بُرزتْ للغَاوينَ والمُؤمنونَ يَرونها أيضًا في المَمرِّ ولا مُنافاةَ بَينَ الأمرَينِ. شيخ زاده".
(٣) قرئ مخففا مبنيا للمفعول وللفاعل، فالأولى نسبت لأبي نهيك وأبي السمال وهارون عن أبي عمرو، والثانية لزيد بن علي ومالك بن دينار وعائشة . انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١٦٨)، و"البحر" (٢١/ ٢١٩).
(٤) نسبها الزمخشري لابن مسعود . انظر: "الكشاف" (٤/ ٦٩٨).
(٥) نسبت لعكرمة. انظر: "المحتسب" (٢/ ٣٥١). وأيضا هي قراءة من قرأ: ﴿وَبُرِّزَتِ﴾ مبنيا للفاعل كما قال أبو حيان. انظر: "البحر" (٢١/ ٢١٩).