للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ليلًا بطريقِ الاستِعارةِ، كالنَّجمِ للكوكبِ الطَّالعِ، فإنَّهُ يُقال لكُلِّ طالعٍ: نَجم؛ تَشبِيهًا بنَجمِ النبتِ (١) إذا طَلعَ.

* * *

(٢ - ٣) - ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾.

﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ﴾ تفخيمٌ لشأنِ هذا المُقسمِ به، ولمَّا كان القصدُ بالإقسامِ به تعظيمه؛ لما فيه مِن عجيبِ القُدرة ولطيفِ (٢) الحِكمة وبَديعِ الصَّنعة، مهَّدَ للمعنى المقصود بالإبهامِ والتَّبيين، فجاء بالوصفِ المُشتركِ بينه وبينَ غيره ثُمَّ فَسَّرهُ بقولهِ: ﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾ زيادةً في تعظيمِ أمرِه.

و ﴿الثَّاقِبُ﴾: المُضيءُ كأنَّهُ يثقُبُ (٣) الظَّلامَ بضوئهِ أو الفَلكَ فيَنفُذُ فيهِ، والمُرادُ: جِنسُ النَّجمِ، لا كَوكبُ الصُّبحِ بخصوصهِ كما قال الجوهرِيُّ (٤)، ولا زحلُ بخُصوصهِ كما قال أبُو زيدٍ؛ إذ يأباهُ سببُ النُّزولِ.

قال ابنُ عبَّاسٍ : إنَّ أبا طَالبٍ كانَ عِندَ النَّبيِّ فانحطَّ نَجمٌ، فامتَلأ ما ثَمَّ نُورًا، ففَزعِ أبو طالبٍ، وقال. أيُّ شيءٍ هذا؟ فقال : "هَذا نَجمٌ رُميَ به، وهو آيةٌ مِن آياتِ اللّهِ"، فعَجبَ أبو طالبٍ، فنزلتْ (٥).


(١) سمِّيَ النَّبتُ أوَّلَ ما يطلُعُ نجمًا، وفي القرآنِ: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾، وَقَدْ خُصَّ بالنّجم منه ما لا يَقُوم عَلَى ساقٍ، كَمَا خُصَّ القَائِمُ عَلَى السَّاقِ مِنْهُ بالشَّجَر. انظر: "النهاية" (مادة: نجم).
(٢) في (ب): "أو لطيف".
(٣) في (ع): "يثقب الضوء".
(٤) انظر: "الصحاح" (مادة: طرق).
(٥) ذكره البغوي في "تفسيره" (٤/ ٤٧٢) عن الكلبي، والقرطبي في "تفسيره" (٢٢/ ٢٠٢) عن أبي صالح عن ابن عباس، ويغلب على الظن أنه من رواية الكلبي، فيكون إما عن الكلبي كما عند =