للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٥) - ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ﴾.

﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ﴾ لمَّا أثبَتَ أنَّ عليهِ رقيبًا حثَّهُ على النَّظرِ في مبدأ نَشأتهِ (١) حتَّى يَتحقَّقَ صحةَ إعادَتهِ لجزاء الأعمالِ، فلا يُملي على حافظهِ إلَّا ما يَسرُّه في عاقبتِهِ.

﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ استِئنافُ جوابٍ عنِ استفهامٍ مُقدَّرٍ؛ لانسِلاخِ ما قَبلهُ عن معنى الاستِفهامِ، والدَّافقُ في وَصفِ الماءِ على الإسنادِ المَجازيِّ، فإنَّ الدَّفقَ - وهو الصبُّ بدفعٍ - لصاحبهِ.

وجُوِّزَ أنْ يكونَ معناه النِّسبةَ إلى الدَّفقِ كلابنٍ وتامِرٍ.

* * *

(٧) - ﴿يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾.

والمُرادُ بالماءِ: المُمتزِجُ مِن النُّطفَتينِ؛ لقَولهِ تَعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾؛ أي: صُلبِ الرَّجلِ؛ أي: ظَهرهِ، وتَرائبِ المَرأةِ وهِي عِظامُ صَدرِها: جمع تَريبةٍ (٢).

أصلُ الكَلامِ: يَخرجُ مِن الصُّلبِ والتَّرائبِ، ولمَّا كان فيه احتمالُ المجازِ بأنْ يكونَ الخُروجُ مِن أحدِهما ويُسندُ إليهما - كما في قوله تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٢٢]- زِيدَ عِبارةُ ﴿بَيْنِ﴾ الدَّالة على الشَّركةِ الحَقيقيَّةِ؛ دَفعًا لذلكَ الاحتِمالِ.


(١) في (ع): "إنشائه".
(٢) والتَّريبةُ ما فوقَ الثَّندُوتَيْنِ إلى التَّرْقُوتَيْنِ. العين (٨/ ١١٧).