للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والجامع لِمَا ذكر إنما هو محمدٌ ، وقد روي أنه قال: "أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشارةُ أخي عيسى، ورُؤيا أمِّي آمنةَ" (١).

﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾: الغالبُ الذي يَقهر ولا يُقهر.

﴿الْحَكِيمُ﴾ المحكِمُ لأوامره (٢).

* * *

(١٣٠) - ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾.

﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ﴾ الرغبةُ: سعةُ الإرادة، ومنه: بطن رغيب؛ أي: نهِمٌ، ومتى عُدِّي بـ (عن) اقتضى صَرْفَ الإرادة عن ذلك الشيء، وذلك بالتزهُّد فيه.

و (مَن) للاستفهام على وجهِ الاستبعاد، والمراد الجحدُ على وجهٍ أبلغَ؛ أي: لا يزهدُ في ملَّة إبراهيم ﴿إِلَّا مَنْ﴾ إلا الذي ﴿سَفِهَ نَفْسَهُ﴾: أذلَّها واستَخفَّ بها.

قال المبرِّد وثعلبٌ: إن سَفِه - بكسر الفاء - يتعدَّى كسفَّه المشدَّدِ، ويشهد له ما جاء في الحديث: "الكبرُ أن تَسْفَهَ الحقَّ وتَغْمِصَ الناسَ" (٣).


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١٧١٦٣)، وفيه: ( .. ورُؤْيا أُمي التي رَأَتْ أنَّهُ خَرَجَ منها نُورٌ أَضَاءَتْ له قُصُورُ الشَّام).
(٢) في "ح" و"د" و"ف": (المحكم له).
(٣) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (٢٠٥٢٠)، والإمام أحمد في "المسند" (٦٥٨٣)، والبزار في "مسنده" (٢٤٣٣)، من حديث عبد الله بن عمرو . ولفظ المسند: " .. سَفَه الحقِّ وغمصُ الناس". وروى مسلم (٩١) من حديث ابن مسعود نحوه، ولفظه: "الكبر بطر الحق وغمط الناس". والغمص كالغمط: وهو الاستهانة والاستحقار.