للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمستثنى في محلِّ الرفع بدلًا (١) من الضمير الذي في ﴿يَرْغَبُ﴾، وهو أجودُ من النصب على الاستثناء.

﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا﴾؛ أي: جعلناه صافيًا من جميع ما لا يليقُ خلَّةَ الحق، والاصطفاء في الأصل: تناوُلُ صفوةِ الشيء؛ كما أن الاختيار تناولُ خيره، والاجتباءَ تناولُ جابَته؛ أي: وسطِه، وهو المختار.

﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾؛ أي: من الباقين على الصَّلاح في الدنيا حتى يكون كذلك في العُقبى، فكم مِن صالحٍ في أولِ حاله ذهب صلاحُه في مآله! فهو في مقام التعليل لاصطفائه في الدنيا؛ كما أنه في مقام التعليل لِمَا سبق من أنه حقيق بالاتِّباع لا يَرغب عنه إلا سفيهٌ أو متسفِّه أذلَّ (٢) نفسه بالجهل والإعراض عن النظر.

* * *

(١٣١) - ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ﴾ العامل في ﴿إِذْ قَالَ﴾: ﴿أَسْلَمْتُ﴾؛ أي: حين أمره الله تعالى بالإسلام قال: أسلمتُ، استئنافٌ تعليليٌّ لِمَا تقدم من الفلاح في الدارين.

وإنما زاد قوله: ﴿لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ لبيانِ أن المراد من الإسلام هو الانقيادُ عن عرفانٍ بما يوجب الإذعان، لا مجردُ الإقرار باللسان.

* * *


(١) في "ك" و"م": (بدل).
(٢) في "ك" و"م": (أخل).