على القراءة بالتاء الفَوقانيَّة (١): يحتمل أن تكون ﴿أَمْ﴾ متصلةً معادِلةً للهمزة في ﴿أَتُحَاجُّونَنَا﴾، يعني: أيَّ الأمرين تأتون: المحاجَّةَ في الله، أم ادِّعاءَ اليهودية والنصرانية على الأنبياء ﵈؟ وأن تكون منقطعةً.
وعلى القراءة بالياء التحتانية لا تكون إلا منقطعة؛ لأن المتصلة تقتضي المساواة بين ما يلي الهمزة و (أم)، ولا مساواة حينئذ.
ومعنى الاستفهام: الإنكار، وعلى تقدير اتصال (أم) إنكارُ الأمرين جميعًا، وكذا على تقدير انقطاعها، وفي القراءة الثانية إعراضٌ عن الخطاب لهم استجهالًا لهم بما كان منهم.
وفي: ﴿أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ﴾ إنكارٌ للقِسم الأول وتقريرٌ للثاني؛ أي: إن الله تعالى شهد لهم بملة الإسلام في قوله: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا﴾ [آل عمران: ٦٧] وهؤلاء المعطوفون عليه أتباعُه في الدِّين اتِّفاقًا.
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً﴾ ثابتة ﴿عِنْدَهُ﴾ كائنة ﴿مِنَ اللَّهِ﴾؛ أي: شهادةَ الله تعالى في حق إبراهيم التي ثبتت عنده في كتابه الذي يتلوه.
والمعنى: لا أحد أظلمُ من أهل الكتاب؛ لأنهم كتموا الشهادة، أو منَّا لو كتمنا
(١) هي قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص، والباقون بالياء. انظر: "التيسير" (ص: ٧٧).