للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اسمًا للحال التي عليها الإنسانُ من الاستقبال كالجِلْسة والقِعْدة، فقد صارت في التعارُف للمكان المتوجَّهِ نحوه للصلاة إليها.

﴿قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ﴾ كنى بهما عن الجهات كلِّها؛ أي: نسبةُ (١) جميع الجهات إليه تعالى على السَّواء، فلا يختصُّ بأمره مكانٌ دون مكانٍ لخاصِّيَّةٍ ذاتيةٍ يمتنع إقامةُ غيره مُقامه، وإنما العبرةُ بارتسامِ أمره لا بخصوصِ المكان.

﴿يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ هو ما عَلم الله تعالى صلاحَهم واستقامةَ أمرهم فيه من توجيههم (٢) إلى بيت المقدس تارةً وإلى الكعبة أخرى.

* * *

(١٤٣) - ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.

﴿وَكَذَلِكَ﴾؛ أي: مثلَ ذلك الجعلِ العجيبِ، والإشارةُ إلى الجعل المدلول عليه بـ ﴿جَعَلْنَاكُمْ﴾ لا إلى الجعل المفهوم من الآية المتقدِّمة، وإنما جيء بما يدلُّ على البعد تفخيمًا، والكافُ مقحَمٌ للمبالغة.

﴿جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ إخبارٌ بكونهم عدولًا مزكَّين بالعلم والعمل، وهو في الأصل اسمٌ للمكان الذي تستوي إليه المساحةُ من الجوانب في المدوَّر، ومن الطرفين في المطوَّل؛ كالنقطةِ من الدائرة، ولسانِ الميزان من العمود، فجُعل عبارة


(١) في (م): (كلها إشارة إلى أن نسبة).
(٢) في "ك": (توجههم).