للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن العدل، وشُبِّه به كلُّ ما وقع بين طرفي (١) إفراطٍ وتفريطٍ، كالجود بين السَّرَف والبخل، والشجاعةِ بين التهوُّر والجبن، ثم جُعل عبارةً عن المختار من كلِّ شيء، حتى قيل: فلان من أوسطهم نسبًا، فاستوى فيه الواحد والجمع، والمذكَّر والمؤنَّث، كسائر الأسماء التي يوصَف بها.

﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ﴾ يعني: الأنبياءَ يومَ القيامة.

﴿عَلَى النَّاسِ﴾ على الكفار.

﴿وَيَكُونَ الرَّسُولُ﴾ هو محمد ﴿عَلَيْكُمْ﴾ خاصة ﴿شَهِيدًا﴾ معدِّلًا مزكِّيًا لهم، والشهيدُ كالرقيب والمهَيمِن، فجيء ب (على) لاستعلائه المشهودِ له.

روي أنَّ الأمم يوم القيامة يجحدون تبليغَ الأنبياء ، فيطالِبُ الله تعالى الأنبياء بالبيِّنة على أنهم بلَّغوا وهو أعلَمُ، فيأتون محمدًا يلتمِس كلُّ رسول منه طائفةً من أمته تَشهد له، فيَشهدون، فتقول الأمم: من أين عرفتُم؟! فيقولون: علِمنا ذلك بإخبارِ الله تعالى في كتابه الناطق على لسان نبيِّه الصادق، فيؤتَى بمحمد فيُسألُ عن أمته، فيزكِّيهم ويشهدُ بعدالتهم، وذلك قوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١] (٢).

واستدل بالآية المذكورة على أن الإجماع حجة، إذ لو كان فيما اتَّفقوا عليه باطل لانثَلمت (٣) به عدالتُهم، ولا يخفى ضعفُه؛ إذ غاية ما لزم حينئذ خطؤهم في الاجتهاد


(١) في "ك" و"م": (طرفين).
(٢) انظر: "الكشاف" (١/ ١٩٩). وانظر حديث أبي سعيد في "صحيح البخاري" (٤٤٨٧)، و"مسند أحمد" (١١٥٥٨)، و"السنن الكبرى" للنسائي (١٠٩٤٠)، و"سنن ابن ماجه" (٤٢٨٤).
(٣) في "ك": (لاتهمت).