﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ في اللاماتِ الثلاث المجيبة والموطِّئَينِ للقسم في الجمل الثلاث، والتكرارِ في قوله: ﴿فَوَلِّ﴾ و ﴿فَوَلُّوا﴾، مع التعميم في (حيثما)، والتأكيدِ بـ (إنَّ) واللامِ، والوعيدِ في قوله: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾، وإيرادِ الجملتين المنفيَّتين وهما: ﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ﴾ و ﴿وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ﴾ اسميَّتين، وتأكيدِ النفي بالباء فيهما، وإيرادِ كلمة الشك في قوله: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ﴾ بعد القطع في قوله: ﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ﴾ ليدل على الفَرْض والتقدير كالمحالات، وتقويةِ ذلك المعنى بقوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾، وذكرِ الأهواء، والتأكيداتِ الأربعة في جوابه = مبالغةٌ عظيمةٌ في أن كلَّ واحد من المحقِّ والمبطِلِ في غايةِ التصلُّب والتشدُّد في دينه، وامتناعِ رجوعه عنه - أمَّا المحقُّ: فلِقوةِ يقينه، ووضوحِ برهانه، وكونه على بيِّنةٍ من ربِّه، وأما المبطلُ: فلشدة شكيمته في عناده ومكابرته - وتعظيمٌ للحق المعلوم، وتحريضٌ على اقتفائه، وتحذيرٌ عن متابعة الهوى، واستفظاعٌ لصدور الذنب عن الأنبياء ﵈.
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾ إيتاءَ فهمٍ ودراسةٍ، وهم الأحبار.
﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ الضمير للرسول ﵇، وقد سبق ذكره في قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾، وهذا الكلام غيرُ منقطِعٍ عنه، إلا أنه (١) الْتَفَتَ من الخطاب إلى الغيبة، ثم منها إلى الخطاب في قوله: ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾.