للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾: أي: يَعْرفونه معرفةً لا شبهةَ فيه بالوصف الذي يعيِّنه كما يعرفون البنين على التعيين، لا اشتباه في معرفتهم إياهم بغيرهم، وإنما خُصَّ الأبناء بالذكر لأن اختلاطهم بالآباء أكثر، فعدمُ الاشتباه فيهم أظهر، رُوي عن عمر أنه سأل عبد الله بن سلَام عن رسول الله عليه وسلم فقال: أنا أعلمُ به منِّي بابْني (١)، قال: ولمَ؟ قال: لأني لست أشكُّ في محمد أنه نبيٌّ، فأما ولدي فلعل والدته خانت، فقبَّل عمرُ رأسه (٢).

﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ﴾ التنوين للتحقير، والإشارةِ (٣) إلى قلَّة قَدْرهم بالنسبة إلى المظهِرين منهم.

﴿لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ﴾؛ أي: كونَه النبيَّ الموعود، كان الظاهر أن يقال: لَيكتُمونه، والعدولُ عنه للتنبيه على أن المراد معرفتُه بذلك الوجهِ لا معرفةُ ذاته.

﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ تخصيصٌ لمن عانَدَ، واستثناءٌ لمن آمَن.

* * *

(١٤٧) - ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾.

﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ كلام مستأنف، و ﴿الْحَقُّ﴾ خبرُ مبتدأ محذوفٍ؛ أي: هو الحق، و ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾ خبرٌ بعد خبر، أو حالٌ. أو ﴿الْحَقُّ﴾ مبتدأ خبرُه ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾.

واللامُ إمَّا للعهد والإشارةِ إلى ما يكتمونه؛ أي: الحقُّ الذي يكتمونه هو الحقُّ


(١) في "ك" و"م": (به من ابني).
(٢) انظر: "الوسيط" للواحدي (١/ ٢٣١)، و"الكشاف" (١/ ٢٠٤).
(٣) في "م": (وللإشارة).