للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من ربك، أو إلى (١) الحقِّ الذي عليه رسول الله ، وإما للجنس، أي: الحقُّ من ربك لا من غيره، أي: ماهيةُ الحق ما ثبت أنه من ربك، يعني: الذي أنت عليه، وما لم يَثبت أنه من ربك كالذي عليه أهلُ الكتاب فهو الباطل، كما تقول: الرجل زيد؛ أي: ماعدَاه ليس بالرجل.

وقرئ بالنصب (٢) على أنه بدلٌ من الأول (٣)، أو مفعولُ ﴿يَعْلَمُونَ﴾.

﴿فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ النهيُ عن الكون على صفةٍ أبلغُ من النهي عن تلك الصفة، ولذلك كثر في القرآن النهيُ عن الكون على الصفة التي يُطلب اجتنابها.

والامتراءُ من مَرَيْتُ الناقة: إذا مسحتَ ضرعَها، واستُعير للتردُّد في الأمر، وهو لا يكون بقصدٍ واختيارٍ، فالنهيُ المذكور للحثِّ على محافظةِ الأسباب المُزيلةِ له، والتحذيرِ عن الغفلة عنها، والرسولُ أحقُّ بهما من أمته، ولقد أحسنَ مَن قال: إن الله يحذِّر نبيَّه من اتِّباع الهوى أكثرَ مما يحذِّر غيره؛ لأن ذا المنزلة الرفيعة إلى تحذير الإنذار أحوجُ، حفظًا لمنزلته وصيانةً لمكانته.

وقد قيل: حقُّ المرآة المجلوَّة أن يكون تعهُّدُها أكثرَ، إذ كان القليل من الصداء عليها أظهر.

ومَن ذهب عليه هذا قال: ليس المراد به نهيَ الرسول عن الشك فيه؛ لأنَّه غير متوقَّع منه، وليس بقصدٍ واختيار، وكأنه (٤) غافلٌ عن أنه لا


(١) كلمة: (إلى) من "د" و"م".
(٢) تنسب لعلي . انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١٠).
(٣) في هامش "م": (أي من الحق الأول الذي سبق ذكره آنفًا في قوله تعالى: ﴿لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ﴾ الآية).
(٤) في "م": (فكأنه).