للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإسلام وكُسرت الأصنام تحرَّج المسلمون أن يطوفوا بينهما لذلك، فنزلت (١).

واحتمالُ الجناح لا يندفع بالوجوب، فإن اليمين على المعصية يجب نقضه، وفيه جُناحٌ، ولهذا تَلزمه الكفَّارة، ومن هنا اتَّضح وجهُ الحاجة إلى الإخبار عن عدم الجناح في الطواف المذكور بعدما بيِّن أنه من معالم الدين (٢).

واعلم أنه لا خلاف في أنه مشروعٌ في الحج والعمرة، وإنما الخلافُ في وجه مشروعيته، فعن أحمد: أنه سنّة، وبه قال أنسٌ وابنُ عباس ، لقوله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ﴾، فإنَّ الظاهر المتبادِر منه التخييرُ المنافي للوجوب، وقد مرَّ وجه دفعه (٣)، ولا نصرةَ في قراءة ابن مسعود: (فلا جُناحَ عليه أنْ لا يطَّوَّفَ بهما) (٤) لِمَا ذُكر؛ لأن موجِبَ تفريعه على ما تقدم أن تكون (لا) زائدةً؛ لعدم تسبُّب انتفاءِ الجُناح عن عدم الطواف بهما عمَّا تقدم من كونهما من شعائر الله.

وعند أبي حنيفةَ وأصحابه أنه واجبٌ يُجبر بالدم، وبه قال سفيانُ الثوريُّ وعامَّةُ أهل العلم، وعند مالكٍ والشافعيِّ: هو ركنٌ؛ لقوله : "اسْعَوا، فإنَّ الله تعالى قد كتب عليكم السَّعي" (٥)، وَيرِدُ عليه أن دلالته على الوجوب دون الرُّكنية.


(١) رواه سعيد بن منصور في "سننه" (٢٣٤ - تفسير)، والفاكهي في "أخبار مكة" (١٤٣٨)، والطبري في "تفسيره" (٢/ ٧١٤)، عن الشعبي، وصحح الحافظ في "الفتح" (٣/ ٥٠٠) سنده إلى الشعبي.
(٢) في هامش "ح" و"د" و"ف": (وهذا هو الذي يندفع به ما في الكشاف وأما الذي ذكر فيه فلا يشفي. منه)، ومثله في هامش "م" لكن في آخره: (فلا يندفع).
(٣) في هامش "ح" و"د" و"ف" و"م": (من أنه لدفع احتمال الجناح لا للتخيير).
(٤) انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١١).
(٥) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢٧٣٦٧) من حديث حبيبة بنت أبي تجراة .