للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشيء الفائت وتلهَّفَ عليه، وهي غيرُ الندم وأشدُّ منه حالًا؛ لأن رؤية الأعمال تكونُ بالبصر، على ما نطق به الخبر عن خير البشر، وبه فسَّر ابن عباس حيث قال: أراد به الأعمال التي عملوها من الحسنات بزعمهم، يرونها حسراتٍ عليهم حيث أحبطوها.

و ﴿هُمْ﴾ في: ﴿وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾ لجعلِ الجملةِ اسميةً تفيد الدوامَ بحسب العُرف كما مرَّ في قوله: ﴿وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٨]، أي: وما هم بخارجين من النار دائمًا ما دامواهم (١) هم، ولتخصيص السَّلْب (٢) بهم - أي: بالمشركين - من بين المكلَّفين؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨]؛ أي: هم خاصةً ليسوا بخارجين من النار؛ كقوله:

هم القومُ كل القوم يا أمَّ خالدِ (٣)

لا لسَلْب التخصيص؛ فإن أداة السلب متأخرةٌ عن أداة التخصيص معنًى وإن تقدَّمت عليها لفظًا، والباء في الخبر لتأكيد النفي.

* * *

(١٦٨) - ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾.

﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا﴾ الأكل هو البلعُ عن مضغٍ.


(١) في "ح" و"ف": (لهم)، وسقطت من "د".
(٢) في "ك "و"م": (السبب).
(٣) عجز بيت للأشهب بن رميلة، وهو في "الكتاب" (١/ ١٨٧)، و"خزانة الأدب" (٦/ ٢٥)، وصدره:
وإن الذي حانت بفلجٍ دماؤهم