للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

و (مِن) في قوله: ﴿مِمَّا فِي الْأَرْضِ﴾ إن كانت لابتداء الغاية فقوله: ﴿حَلَالًا﴾ مفعول، وإن كانت للتبعيض فـ (ما) مفعول، وهو (١) حالٌ أو صفةُ مصدرٍ محذوف، وهذا أوجَهُ الأوجُهِ؛ لأن حِلَّ الأكل يستلزم حِلَّ المأكول بدون العكس، فإن الحلال قد يؤكل على وجهٍ يحرمُ أو يُكره، كأكله فوق الشبع، أو صائمًا، أو في مجلس الفسق.

﴿طَيِّبًا﴾ طاهرًا عن كلِّ شبهة، وإلى هذا أشار مَن قال: الحلال ما ليس بمحظورٍ، والطيِّب ما ليس بمحذور.

والآية نزلت في قوم حرَّموا على أنفسهم رفيعَ الأطعمة والملابس، والأمرُ في المأكول أمرٌ في الملبوس دلالةً.

﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾؛ أي: لا تقتفوا آثارَه اعتقادًا وقولًا وعملًا، وقد اجتمع هذه الثلاثةُ في سبب النزول، ومَن فسَّره بالنهي عن مطلَق الاتِّباع فقد ضيَّع ما في عبارة الجمع من الإشارة اللطيفة. يقال: اتَّبع خطواته ووَطِئَ على عَقِبه: إذا اقتدى به واستنَّ بسُنَّته.

وقرئ: ﴿خُطُوَاتِ﴾ بضمتين، وضمةٍ وسكونِ الطاء (٢)، وبفتحتين (٣)، وفتحةٍ وسكونها (٤).


(١) أي: ﴿حَلَالًا﴾.
(٢) هاتان قراءتان سبعيتان، فقد قرأ قنبلٌ وحَفْصٌ وابن عامر والكسَائيُّ: ﴿خُطُوَاتِ﴾ بضم الطَّاء حيثُ وَقع، والباقُونَ بإسكانها. انظر: "التيسير" (ص: ٧٨).
(٣) انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١١) عن أبي حرام الأعرابي، و"المحتسب" (١/ ١١٧) عن أبي السمال العدوي.
(٤) انظر: "الكشاف" (١/ ٢١٣).