للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذا ما بحسَبِ جليل النظر، والذي بحسَبِ دقيق النظر ما مرَّ في تفسير ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ١٩] من أن التشبيه التمثيليَّ لا يَلزمُه أن يكون ما يلي أداةَ التشبيه هو المشبَّهَ به، فلا حاجة إلى تقديرِ شيء.

﴿يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ﴾ قال صاحب "العين": نعق الراعي بالغنم: إذا صاح بها زجرًا.

﴿إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً﴾ الدعاء للقريب، والنداء للبعيد، ولذلك قال الأعرابي: أقريبٌ ربُّنا فنناجيَه، أم بعيدٌ فنناديَه؟

﴿صُمٌّ﴾: هم صمٌّ، رفعٌ على الذم.

﴿بُكْمٌ عُمْيٌ﴾؛ أي: ومَثَلُ (١) داعيهم إلى الإيمان كمَثَل الناعق بالبهائم في أنهم لا يسمعون إلا دعاءَ الداعي وتصويتَه من غيرِ فهمِ المعنى (٢) وتعقُّله، أو بالأصمِّ الذي لا يَسمع مِن دعاء الرَّافعِ صوتَه بكلامه إلا التصويتَ والنداء من غير تمييز الحروف وإدراكها.

وقيل: مَثَلُهم في تقليدهم آباءَهم واتِّباعهم كمَثَل البهائم التي لا تسمع إلَّا ظاهر الصوت، ولا تفهم معناه، فكذلك يتبَّعونهم على ظاهر حالهم ولا يفقهون ما هم عليه أحقٌّ هو أم باطل؟

﴿فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾؛ أي: بالفعل؛ للإخلال بالنظر.

* * *

(١٧٢) - ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾.


(١) في النسخ عدا "د": (ومثل هذا)، والمثبت من "د".
(٢) في "ف": (للمعنى).