للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ لمَّا وسَّع الأمرَ على الناس كافةً، وأباح لهم ما في الأرض سوى ما حرَّم عليهم، أَمر المؤمنين منهم أن يتحرَّوا طيبات ما رُزقوا، وقد مرَّ أن الطيِّب أخصُّ من الحلال، وأنْ يقيموا بحقوقها، فقال:

﴿وَاشْكُرُوا لِلَّهِ﴾ على ما رزقكم وأحلَّ لكم.

ولمَّا تضمَّن الأمرُ الأول الامتنانَ ناسبه الخطاب، وما في الأمر الثاني من التنبيه على أنَّ استحقاقه تعالى للشُّكر ليس لكونه رازقًا لهم ومبيحًا لطيِّبات الرزق فقط، بل لكونه خالقًا للعالَم، وَيندرج (١) فيه جميع (٢) ما يَستوجب الشكر، اقتضى العُدولَ عن الخطاب إلى الغيبة (٣)، وعن التفريع بالفاء إلى العطف بالواو.

﴿إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ فإن عبادته لا تَتمُّ إلا بالشكر، وتقديمُ المفعول لمحافظة الفاصلة كما في قوله تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ﴾ [يوسف: ٤٣] إذ لا دخل لمعنى التخصيص في التعليل.

ولك أن تقول: كان الظاهرُ أن يقول: إن كنتم تعرفون أنه مولى النِّعمِ كلِّها، إلا أنه كُني عنه بلازمه، وهو تخصيصُ العبادة إياه تعالى.

* * *

(١٧٣) - ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.


(١) في النسخ عدا "د": (ولم يندرج)، والمثبت من "د".
(٢) كلمة: (جميع) ليست في "ك "و"م".
(٣) في هامش "ح" و"د" "ف " و"م" (لأن مدار ذلك على التعبير باسم الله. منه).